سيدني سويني: كيف تحوّلت نجمة هوليود الصاعدة إلى ظاهرة مثيرة للجدل؟

قبل ثلاث سنوات، وتحديدًا في يوليو 2022، أدلت الممثلة سيدني سويني” Sydney Sweeney” بتصريح نادر وصريح لمجلة “هوليوود ريبورتر” عن عالم المال والأعمال في هوليوود.
في ذلك الوقت، كانت سيدني سويني تبلغ من العمر 24 عامًا، وتتمتع بضجة إعلامية واسعة بفضل نجاح الموسم الثاني من مسلسل “إيفوريا” (Euphoria)، وكانت تعد واحدة من أكثر الممثلات الشابات طلبًا من جيلها.
ورغم هذا النجاح، كشفت سويني أنها لا تملك المال الكافي لتعيش دون عمل لمدة ستة أشهر.
وعلى عكس العديد من زملائها في “إيفوريا” الذين استفادوا من علاقات عائلية (nepo babies)،
فإن سويني تنحدر من أسرة من الطبقة المتوسطة في شمال أيداهو وواشنطن، وبدأت العمل كممثلة في سن الثالثة عشرة.
كان استمرارها في العمل طوال فترة مراهقتها ضرورة وليست رفاهية،
إذ لم يكن لديها شبكة أمان مالي.
قالت سويني في المقابلة: “ليس لدي من يدعمني، ليس لدي من ألجأ إليه ليدفع فواتيري أو لأطلب منه المساعدة”.
نجاح لا يمنع المشاكل المالية
حتى بعد نجاحها في مسلسل من إنتاج شبكة HBO،
والذي سمح لها بشراء منزل في لوس أنجلوس، ظلت الأمور المالية صعبة.
أوضحت سويني: “لم تعد أجور الممثلين كما كانت في السابق، ومع منصات البث، لم نعد نحصل على العائدات المادية [residuals]”.
وأضافت: “النجوم الكبار لا يزالون يتقاضون أجورًا ضخمة،
لكن علي أن أدفع 5% لمحامي، و10% لوكلاء أعمالي، ونحو 3% لمدير أعمالي.
كما أنني أدفع شهريًا لمسؤول العلاقات العامة الخاص بي، وهذا المبلغ أكبر من قسط منزلي”.
تحدثت سيدني سويني بتفصيل دقيق عن اضطرارها لمراجعة ميزانيتها الشهرية،
التي تشمل تكاليف منسّق الأزياء، والعلاقات العامة، ومستحضرات التجميل، والسفر، وجميع متطلبات النجومية في عصر “إنستغرام”.
وهذا ما يفسّر إقبالها الكبير على عقود الإعلانات مع علامات تجارية مثل “ميو ميو”، و”أرماني”، و”لانيج”.
قالت: “لو اكتفيت بالتمثيل، لما استطعت تحمل تكاليف حياتي في لوس أنجلوس… أقبل الصفقات لأنني مضطرة لذلك”.
التحوّل إلى ظاهرة إعلانية مثيرة للجدل
هذه المقابلة تشرح إلى حد كبير أسباب تحوّل سيدني سويني إلى ظاهرة إعلانية متعددة الأوجه،
لدرجة أن صفقاتها التجارية باتت تطغى على عملها كممثلة.
لم تعد تكتفي بالترويج لأزياء راقية، بل أصبحت تبيع كل شيء: من صابون يدّعي احتوائه على “لمسة” من ماء استحمامها، إلى مثلجات “باسكن روبنز”، وحتى أحذية منزلية وردية.
وفي الآونة الأخيرة، وجدت سويني نفسها في قلب جدل ثقافي بسبب إعلاناتها لـ “أميريكان إيجل”.
في أحد الإعلانات، تظهر سويني وهي ترتدي بنطال جينز أزرق ضيق، وتقول: “الجينات تنتقل من الآباء إلى الأبناء،
وغالبًا ما تحدد صفات مثل لون الشعر، والشخصية، وحتى لون العينين. أما جيناتي (My jeans) فهي زرقاء”.
وفي إعلان آخر، تطلب من الكاميرا أن ترفع نظرها عن أكثر ما يثير الحديث عنها بقولها: “عيونك هنا للأعلى”.
أثار الإعلان جدلًا واسعًا على الإنترنت، حيث أصبح كل شيء مادة للاستفزاز.
اعتبر البعض أن الإعلان يلمّح إلى “العرق الأبيض” بسبب استخدامه لعبارة “الجينات العظيمة”، في حين احتفل به اليمين المتطرف كإعلان ضد “الصحوة”.
ورغم أن “أميريكان إيجل” أكدت أن الحملة “كانت دائمًا عن الجينز”، إلا أن الجدل استمر.
استراتيجية ذكية أم خطيرة؟
كل هذا الجدل يحدث دون أن تدلي سيدني سويني بتصريح علني.
تساهم هذه الظاهرة في تسليط الضوء على مزيج متفجر من عالم وسائل التواصل الاجتماعي،
الذي تحوّل إلى ساحة لحروب ثقافية فارغة، واستراتيجية سويني المهنية التي تتأرجح بين السخرية من اهتمام الرجال بجسدها واستغلال هذا الاهتمام.
منذ انطلاقتها في مسلسل “اللوتس الأبيض” (The White Lotus) عام 2021، بدا أن سويني تتبنى نهجًا هجوميًا في التعامل مع الاهتمام الذي تتلقاه،
وتحوّله إلى مصدر دخل ونكتة.
ففي إحدى حلقات برنامج “ساترداي نايت لايف”، قدّمت مقطعًا ساخرًا عن الاهتمام بـ “صدرها”، وارتدت قميصًا مكتوبًا عليه: “آسفة لأني أملك صدرًا رائعًا وآراءً صحيحة”.
كما صرّحت في مقابلة: “أكبر سوء فهم عني هو أنني شقراء غبية بصدر كبير. أنا في الحقيقة سمراء طبيعيًا”.
في الوقت نفسه، أظهرت سويني براغماتية حادة في قراراتها المهنية.
فقد صرّحت بأن مشاركتها في فيلم “مدام ويب” (Madame Web) كان “قرارًا تجاريًا” يهدف إلى بناء علاقات مع مديري شركة سوني،
لضمان إنتاج فيلم “بارباريلا” الذي تخطط له.
كما قامت بنفسها بتسويق فيلمها الناجح “أي شخص إلا أنت” (Anyone But You) عبر حسابها على “تيك توك”.
لماذا أثارت الجدل؟
أثار إعلانٌ جديد لشركة الملابس “أمريكان إيجل”، بطولة الممثلة الأمريكية الشهيرة سيدني سويني، جدلاً واسعاً لم يقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي، بل امتد ليلامس أروقة السياسة بعد تدخل الرئيس الأمريكي شخصياً للتعليق على الموضوع.
وبدأت الضجة عندما أشار الرئيس إلى أن سويني مسجلة كناخبة جمهورية، قائلاً: “هي جمهورية مسجلة. الآن أنا أحبها. أليس كذلك؟ هل سيدني سويني؟ ستندهش من عدد الأشخاص الذين هم جمهوريون”. وأضاف: “إذا كانت سيدني سويني جمهورية مسجلة، أعتقد أن إعلانها رائع”.
حتى قبل تصريحات الرئيس، أثار الإعلان نقاشاً حاداً، خاصةً وأن سويني تُعتبر من أبرز نجوم “الجيل زد” (Gen Z)، وهو ما جعل الإعلان في قلب ما يوصف بـ”عاصفة حروب الثقافة”.
وانتقد البعض الإعلان بشدة، معتبرين أنه يروج لنظرية “تحسين النسل” (eugenics) التي تم دحضها.
وقال أحد النقاد: “امرأة ملونة لم تكن لتُوظف في هذا الإعلان. هذا فعلٌ مقصود. لماذا؟ لأن تحسين النسل مرتبط بشكل عميق بفكرة أن بعض الأعراق أفضل من غيرها. لكن إعلان سيدني سويني يتحدث حقًا عن هذه اللحظة السياسية”.
وظل الإعلان يتصدر العناوين الرئيسية لأكثر من أسبوع، مولّداً عدداً لا يحصى من المحاكاة الساخرة والنكات على الإنترنت.
كما تلقى الإعلان دعماً من إدارة ترامب، حيث قال أحدهم: “نصيحتي السياسية للديمقراطيين هي أن يستمروا في إخبار كل شخص يرى أن سيدني سويني جذابة بأنه نازي، يبدو أن هذه هي استراتيجيتهم الفعلية”.
وأعلنت شركة “أمريكان إيجل” عن حملتها قبل أكثر من أسبوع، موضحةً أن “سحر سويني كفتاة الجيران وقدرتها على عدم أخذ نفسها على محمل الجد” يجعل الإعلان “جريئاً ومرحاً”.
وبعد الجدل، دافعت الشركة عن حملتها، قائلة إنها “كانت وستظل دائمًا عن الجينز”، وأن “الجينز الرائع يبدو جيدًا على الجميع”.
في نهاية المطاف، اعتبر بعض المراقبين أن الإعلان هو مثالٌ على “تسويق الغضب” (outrage marketing)، حيث يتم “إثارة الجدل، زيادة التفاعل، وركوب الموجة. وعندما يهدأ الغبار، تحصل أمريكان إيجل على النقرات والتغطية الإعلامية”.
هل ستنقذها موهبتها؟
لسوء الحظ، أدت كل هذه الضجة إلى تهميش مسيرتها الفنية الواعدة.
فبالرغم من أدوارها المذهلة في أفلام مثل “رياليتي” (Reality) و”المتفرجون” (The Voyeurs) ومسلسل “إيفوريا”، حيث أظهرت موهبة حقيقية، يظل الجدل يحيط بها.
لكن سيدني سويني، وكما كانت قبل ثلاث سنوات، لا تزال تعمل بجد.
لديها مشاريع قادمة قد ترشحها لجوائز، وأدوار في أفلام ومسلسلات ضخمة،
مما يؤكد أنها لا تزال تلك الشابة الواضحة الرؤية التي تحاول جاهدة شق طريقها في عالم التمثيل. ولأجل الجميع، نأمل أن تعود الأحاديث عنها إلى موهبتها الحقيقية قريبًا.
المصدر: الجارديان البريطانية