دراما

قصة طالوت وجالوت في سورة البقرة.. كيف أصبح داوود ملكا على بني إسرائيل؟

تعتبر قصة طالوت وجالوت من القصص القرآنية  المعروفة، والتي وردت في نهاية سورة البقرة، و تسرد قصة اختيار طالوت ملكا على بني إسرائيل ومن بعده نبي الله داوود.

قصة طالوت وجالوت من القصص التي تحمل في طياتها الكثير من العبر والدروس.

وتؤرخ لفترة  مهمة من تاريخ بني إسرائيل تعرف بزمن التيه.

تناولت العديد من الأعمال الفنية  قصة طالوت وجالوت خلال السنوات الماضية.

وكان من أشهر هذه الأعمال  مسلسل الرسوم المتحركة المصري الذي أنتج عام 2011 وحمل اسم قصص القرآن.

فما هي قصة طالوت وجالوت التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم؟ ومن هو النبي الذي بعثه الله عز وجل إلى بني إسرائيل بعد طول ظلم الملوك عليهم؟ .

وما قصة تابوت العهد لبني إسرائيل أو تابوت موسى وما الذي كان بداخله؟ كل ذلك سنتعرف عليه في السطور القادمة.

كيف بدأت قصة طالوت وجالوت؟

تبدأ قصتنا مع بني إسرائيل الذين ظلوا سنوات وقرونًا طويلة دون نبي بينهم، حيث إنهم بسبب طغيانهم وقتلهم الأنبياء،

انقطع نسل الأنبياء بينهم، ليبدل الله عز وجل حكم الأنبياء فيهم بحكم الملوك.

هذا الأمر بدل حال بني إسرائيل رأسًا على عقب، فتعرضوا لظلم الملوك وتجبرهم،

 لكن ما زاد الأمور سوءًا ضياع  ما يسمى بتابوت العهد.

هذا التابوت كان يمنح بني إسرائيل الثقة والاطمئنان،

وكانوا إذا خاضوا حربًا ضد أحد، هزموه بفضل الله ثم بفضله حيث كان بمثابة آية للنصر.

وقد جعل الله عز وجل في التابوت سكينة وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون عليهما السلام، ما جعله عظيم الشأن غزير البركة.

 زمن التيه في قصة طالوت وجالوت

استمرت حال بني إسرائيل على هذا المنوال، مشتتين ضائعين دون نبي يحكمهم ويعدل بينهم قرابة أربعمائة وستين سنة وهو ما يعرف بزمن التيه .

ولم يزل بنو إسرائيل في غيهم وضلالهم، ولم يكن فيهم أحد يحفظ التوراة إلا القليل.

وقيل أن النبوة انقطعت من أسباطهم، ولم يبق من السبط الذي يكون فيه الأنبياء إلا امرأة حامل من زوجها وقد قتل،

فأخذوها وحبسوها في بيت واحتفظوا بها لعل الله عز وجل أن يرزقها غلامًا يكون نبيًا لهم.

ولم تزل المرأة تدعو الله عز وجل أن يرزقها غلامًا، فسمع الله عز وجل لها واستجاب دعاءها .

ووهبها غلامًا قيل سمته شمويل أي سمع الله دعائي، ومنهم من يقول شمعون.

فأنبته الله عز وجل نباتًا حسنًا، فلما بلغ سن مبعث الأنبياء،

أوحى الله عز وجل إليه وأمره بالدعوة إليه وتوحيده، فدعا بني إسرائيل.

قصة طالوت وجالوت
قصة طالوت وجالوت

من هو نبي الله شمويل في قصة طالوت وجالوت ؟

وظل شمويل أو صموئيل يتابعهم بالدعوة ويأمرهم بالتوبة والعودة إلى الله جل وعلا وترك عبادة الأصنام،

وبعد جهد كبير، عادوا إلى الله جل وعلا وتابوا إليه من عبادة الأصنام، وبدأوا العودة لإقامة الفرائض  حتى يرضى الله عز وجل عنهم.

لم ينسى بنو إسرائيل ذل الهزيمة التي لحقت بهم من قبل، وكيف أن التابوت قد أُخذ منهم وكذلك التوراة.

 فأرادوا أن يغيروا واقعهم الذليل وأن يبدلوا ذلهم وهزيمتهم نصرًا وعزة.

لذلك أخذوا يفكرون كيف تعود إليهم القوة والمنعة مرة أخرى،

فلم يجدوا إلا سبيلًا واحدًا ألا وهو الجهاد في سبيل الله جل وعلا.

ذهب بنو إسرائيل إلى نبيهم شمويل عليه السلام وقالوا له: نريد منك شيئًا عزيزًا ونتمنى ألا ترد طلبنا،

فقال شمويل عليه السلام: ماذا تريدون؟ قالوا: نريد منك أن تختار لنا ملكًا يتولى أمرنا ويقودنا في قتال أعدائنا حتى تعود إلينا العزة مرة أخرى.

ولكن شمويل عليه السلام يعلم أنهم لا يصدقون في وعودهم أبدًا،

وأنهم عندما يؤمرون بالقتال فسوف ينكصون وينكثون عهدهم ويفرون من الجهاد.

وقال لهم: ولكن هل لو كتب الله عز وجل عليكم الجهاد في سبيله هل ستصدقون وتقاتلون؟ فقالوا: نعم سنقاتل، وكيف لا نقاتل وقد أخرجنا من ديارنا وأصبح أبناؤنا عبيدًا عند أعدائنا؟

كيف أصبح طالوت ملكا على بني إسرائيل؟

فلما رأى شمويل إصرارهم على الجهاد في سبيل الله عز وجل،

سأل ربه سبحانه وتعالى، فأوحى الله عز وجل إليه أنه قد استجاب له ولقومه.

وأنه قد اختار طالوت ليكون هو ملكهم الذي يقودهم إلى النصر والعزة والتحرير.

خرج شمويل على بني إسرائيل  وهم غارقون في الفضول لمعرفة الملك الذي سيقودهم في حروب العزة والنصر.

 فقال لهم شمويل: إن الله عز وجل قد استجاب دعاءنا واختار لكم ملكًا يكون قائدًا لكم في جهادكم،

ففرحوا بذلك أشد الفرح وقالوا: من هذا الملك؟ .

وأجاب النبي شمويل: إنه طالوت، فاعترضوا ورفضوا رفضًا شديدًا .

وقالوا: كيف يكون طالوت ملكًا علينا وهو فقير لا يملك سعة من المال وليس من بيت الملك وعائلة الملوك،  قائلين نحن أحق بالملك منه.

فقال شمويل: إن الله عز وجل هو الذي اختاره لكم ولست أنا الذي اخترت، فلماذا تعترضون؟.

فتعجب نبي الله شمويل عليه السلام من موقف هؤلاء القوم الذين كانوا يريدون ويصرون على الملك، فلما اختار الله عز وجل لهم طالوت ملكًا اعترضوا.

فبين لهم النبي الكريم المواصفات التي تؤهله للملك وأنه هو أنسب الناس للملك،

ويكفي أن الله عز وجل اصطفاه عليكم، والله حكيم خبير.

 وأن الله تبارك وتعالى زاده بسطة في العلم وتمكنًا منه، وزاده بسطة وقوة في الجسم تعينه على النهوض بأعباء الملك ومشقات القيادة،

 فضلا عن أن الله عز وجل يؤتي ملكه من يشاء.

وجادل القوم نبي الله شمويل  وأرادوا أن يأتي لهم بعلامة وآية تدل على أن الله هو الذي اختار  طالوت ملكًا عليهم .

 فقال لهم شمويل: إن الآية والعلامة التي تؤكد لهم أن الله عز وجل هو من  اختار طالوت ملكًا،

أن يأتيهم بتابوت العهد الذي أُخذ منهم والذي سيجدوا فيه سكينة من ربهمم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون،  وأن الملائكة هي من ستأتي به وتحمله.

وحملت الملائكة عليهم السلام التابوت وأوصلوه إليهم،  ليكون ذلك دليلا على أن الله عز هو من جعل طالوت ملكًا عليهم .

كيف عاد تابوت العهد في قصة طالوت وجالوت ؟

وهذا التابوت كان يحوي سكينة من ربهم، والسكينة هي الطمأنينة والراحة،

كما كان يحوي بقية مما ترك آل موسى وآل هارون، ولعل هذه البقية شيء مادي ورثوه عن آل موسى وآل هارون.

وتحققت الآية التي وعدهم بها نبيهم، وحملت الملائكة إليهم التابوت وأوصلوه إليهم، فوافقوا على تملك طالوت عليهم.

ومنذ هذه اللحظة، أصبح طالوت ملكًا على بني إسرائيل.

وكان بنو إسرائيل في قمة السعادة لعودة التابوت مرة أخرى.

ومرت الأيام، وعلم طالوت أن الأعداء يجهزون أنفسهم لقتالهم.

وكان على رأس جيش الأعداء رجل يقال له جالوت، وكان حاكمًا ظالمًا.

 فأخذ طالوت يجهز جيشه من بني إسرائيل ويرفع  من  الروح المعنوية،

ويذكرهم بالأجر والثواب لمن خرج مجاهدًا في سبيل الله عز وجل.

 وأخذ يذكرهم كذلك بأن الله عز وجل وعد عباده المؤمنين بالنصر والتمكين.

وذات يوم، خرج بهم طالوت للقاء الأعداء في  معركة فاصلة،

فلما خرج بجنوده، وكان جيشه ثمانين ألفًا، قال لهم: إن الله عز وجل مبتليكم بنهر أي مختبركم وممتحنكم بنهر، وهو نهر الشريعة بين الأردن وفلسطين.

 وأمرهم طالوت ألا يشربوا منه، ومن يخالف أمره ويشرب منه فلا يتبعه،

أما من لم يشرب من النهر والتزم الأمر وأطاع فإنه منه وليكمل معه.

وسار جيش بني إسرائيل في الشمس المحرقة حتى أصابهم العطش الشديد، وبعد فترة وصلوا إلى نهر الشريعة.

فلما رآه الجنود، انطلقوا ليشربوا، فنادى عليهم طالوت مذكرًا لهم

وقال: تذكروا أني قلت لكم إن من شرب من النهر فسوف يعود ولن يحارب معي، وأما من لم يشرب منه فسوف يأتي معي ليجاهد في سبيل الله.

فتنة النهر في قصة طالوت وجالوت ؟

فما كان منهم إلا أن انطلقوا نحو النهر وشربوا منه جميعًا إلا عددًا قليلًا،

هؤلاء القلة هم الذين صبروا ولم يشربوا.

ثمانون ألفًا شربوا ما عدا ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا هم الذين أطاعوا طالوت.

وعاد الثمانون ألفًا إلى بيت المقدس، وعبر الباقون بفضل الله من الجيش نهر الشريعة مع طالوت.

 ووصلوا إلى الشاطئ، وسار طالوت بالقلة المؤمنة المطيعة لأمر الله حتى وصل بهم إلى أرض المعركة الفاصلة مع الأعداء.

قال الله سبحانه وتعالى محدثًا لنا عن هذه الواقعة:  

فلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي.

جيش طالوت

وهنا أصبح عدد الجيش قليلًا جدًا، وكان جيش العدو كبيرًا،

فأحس بعض أفراد الجيش الذين صبروا مع طالوت أنهم أضعف بكثير من جيش طالوت، وقالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده.

لكن الفئة القليلة الثابتة منهم أيقنوا أن النصر ليس بالعدد ولا بالعتاد، وإنما النصر الحقيقي من عند الله جل وعلا.

 فقالوا لطالوت: امضِ لسبيلك، فإنا إن شاء الله سوف ننتصر عليهم ولو كان عددنا قليلًا.

قال الله تبارك وتعالى محدثًا عن قول هؤلاء الفئة الثابتة على الإيمان والحق الموقنة بأن النصر من عند الله:

قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ.  

فما كان من الفئة القليلة المؤمنة الصابرة الثابتة مع طالوت عليه السلام إلا أن توجهوا بالدعاء إلى فاطر السماوات والأرض طالبين منه أن يرزقهم الصبر والثبات والنصر على الأعداء.

قال الله تبارك وتعالى محدثًا عنهم:

وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.  

كانت المعارك في هذا الزمان وحتى زمان التابعين لا تبدأ إلا بعد مبارزة بين رجلين من كل خصم بالسيف،

يأتي من جيش هذا رجل ومن جيش هذا رجل، ويتبارز هذان الرجلان بالسيف.

فخرج الملك الظالم جالوت قائد جيش الأعداء، وكان قويًا عملاقًا وهو يلبس دروعه الحديدية ومعه سلاحه.

فبدأ يطلب منهم أن يخرجوا له رجلًا يبارزه، فخاف كل الجنود الذين كانوا مع طالوت،

وبدأ جالوت الظالم يصرخ في أرض المعركة متكبرًا قائلًا: ألا يوجد فيكم رجل قوي يخرج فيبارزني؟ فلم يخرج منهم أحد. فأخذ جنود الأعداء يضحكون ويسخرون من جيش طالوت.

وهنا وقف طالوت ونادى في الجيش وقال: من منكم يخرج ليبارز جالوت؟ فلم يرد عليه أحد، فقال طالوت: من منكم يخرج ليبارز جالوت وسوف أزوجه ابنتي وأجعله قائدًا على الجيش؟

كيف قتل نبي الله داوود جالوت ؟

وفجأة برز من جيش طالوت غلام صغير كان يرعى الغنم اسمه داود،

وكان هذا الغلام مؤمنًا بالله عز وجل، وكان يعلم يقينًا أن القوة ليست هي قوة السلاح أو الجسد، وإنما هي قوة الإيمان واليقين والثقة في الله جل وعلا.

وكما قلنا كان طالوت الملك وقد وعد أفراد الجيش أن من استطاع منهم أن يقتل جالوت

فإنه سيجعله قائدًا على الجيش ويزوجه ابنته.

ولم يكن داود عليه السلام يهتم كثيرًا لهذا الإغراء،

فقد كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ومتكبر ولا يؤمن بالله عز وجل، وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت.

قصة طالوت وجالوت
صورة لمبارزة بين نبي الله داوود وجالوت من قصة طالوت وجالوت

تقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه وهو التبلة يستخدمها الرعاة،

وتقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع، وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه ومن فقره وضعفه.

 ووضع داود حجرًا قويًا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر فأصاب جالوت فقتله، وهنا كانت مفاجأة مذهلة للجيشين.

بدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت

بعد أن استغفر الجيش كله الله تبارك وتعالى ودعوا ربهم عز وجل وتوسلوا إليه فنصرهم وقهر عدوهم بفضله وعزته.

وأصبح داود عليه السلام ملكًا على بني إسرائيل. وقد ذكرت قصة طالوت وجالوت وداود عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة:

قصة طالوت وجالوت في القرآن

فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ.  

وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى