الرئيس الفرنسي يعلن الاعتراف بدولة فلسطين في خطاب أممي

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قرار بلاده التاريخي بالاعتراف بدولة فلسطين،
جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال مؤتمر مشترك مع المملكة العربية السعودية،
وأكد ماكرون أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب في غزة وتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط..
جاءت هذه التصريحات خلال جلسة استثنائية وفق قرار الجمعية العامة 79/81 بتاريخ 3 ديسمبر 2024،
بحضور رؤساء دول وحكومات وممثلين عن الدول الأعضاء.
استهل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلمته بالترحيب بالحضور، مشيرًا إلى فخره برئاسة المؤتمر بالاشتراك مع السعودية.
وأكد أن الهدف من هذا التجمع هو مواجهة حالة الطوارئ الإنسانية التي تجتاح المنطقة،
داعيًا إلى الإفراج الفوري عن 48 رهينة تحتجزهم حركة حماس، ووقف القصف على غزة، وإنهاء المجازر ونزوح السكان.
وقال: “لقد حان الوقت للسلام، لأننا على وشك أن نفقد القدرة على تحقيقه”.
خلفية تاريخية ومسؤولية مشتركة
استعاد الرئيس الفرنسي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947، الذي قضى بتقسيم فلسطين الانتدابية إلى دولتين: يهودية وعربية.
مع ذلك أشار إلى أن المجتمع الدولي كرّس قيام دولة إسرائيل، محققًا مصير شعبها بعد قرون من الاضطهاد،
لكن وعد الدولة العربية ظل غير مكتمل حتى اليوم.
وأضاف: “نحن نتحمل مسؤولية جماعية عن فشلنا في بناء سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط”.
إدانة هجوم 7 أكتوبر ودعم الضحايا
أدان الرئيس بشدة الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي وصفه بـ”الأبشع في تاريخ إسرائيل”،
حيث قُتل 1224 شخصًا، وأصيب 4834، واختُطف 251 رهينة.
وأعرب عن تعاطفه مع الضحايا وعائلاتهم، مؤكدًا إقامة فرنسا تكريمًا وطنيًا لـ51 من مواطنيها قتلوا في الهجوم.
كما جدد التزامه بمحاربة معاداة السامية، مستذكرًا تجربة فرنسا مع الإرهاب عام 2015، عندما سار قادة العالم،
بمن فيهم ممثلو إسرائيل والسلطة الفلسطينية، في شوارع باريس تضامنًا معها.
دعوة لوقف الحرب وإنقاذ الأرواح
انتقد الرئيس استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، التي تهدف إلى تدمير حماس،
مشيرًا إلى أنها تتسبب في معاناة مئات الآلاف من النازحين والجوعى والمصابين.
وقال: “لا شيء يبرر استمرار الحرب في غزة، بل كل شيء يفرض إنهاءها فورًا لإنقاذ أرواح الرهائن الإسرائيليين والمدنيين الفلسطينيين”.
وأضاف أن الحياة الإنسانية متساوية، مستذكرًا لقاءاته مع عائلات الرهائن مثل والدي إيتار دافيد ونمرود كوهين،
وزيارته للاجئين الفلسطينيين في العريش، حيث رأى معاناتهم عن قرب.
الاعتراف بدولة فلسطين
أعلن الرئيس الفرنسي أن بلاده تعترف رسميًا بدولة فلسطين، واصفًا هذا القرار بأنه تأكيد على شرعية الشعب الفلسطيني وكرامته،
مستشهدًا بكلمات الشاعر محمود درويش.
وأكد أن هذا الاعتراف لا ينتقص من حقوق إسرائيل، التي دعمتها فرنسا دائمًا، بل يهدف إلى هزيمة الإرهاب ومعاداة السامية.
كما أشار إلى أن دولًا مثل أندورا، أستراليا، بلجيكا، كندا، لوكسمبورغ، مالطا، موناكو، البرتغال، المملكة المتحدة،
وسان مارينو ستنضم إلى هذا الاعتراف، تتبعًا لقرارات مماثلة من إسبانيا، أيرلندا، النرويج، وسلوفينيا عام 2024.
خطة السلام والأمن
قدمت فرنسا، بالتعاون مع السعودية، خطة سلام وأمن للجميع، تم اعتمادها بأغلبية ساحقة في الجمعية العامة. تتضمن الخطة مرحلتين:
- المرحلة الأولى: الإفراج العاجل عن الرهائن ووقف العمليات العسكرية في غزة.
- وحث الرئيس إسرائيل على عدم عرقلة الجهود التي تقودها قطر، مصر، والولايات المتحدة لتحقيق ذلك.
- المرحلة الثانية: استقرار وإعادة إعمار غزة بإدارة انتقالية تشمل السلطة الفلسطينية وشباب فلسطين، مدعومة بقوات أمن مدربة دوليًا لنزع سلاح حماس.
وأعلن استعداد فرنسا للمساهمة في تدريب هذه القوات مع شركائها الأوروبيين.
دعوة للتفاوض والاعتراف المتبادل
شدد الرئيس على ضرورة استئناف المفاوضات للوصول إلى اتفاق حول الوضع النهائي،
معربًا عن التزامه بفتح سفارة فرنسية في دولة فلسطين فور الإفراج عن الرهائن وإقرار وقف إطلاق النار.
وطالب إسرائيل بالالتزام بالسلام، مشيرًا إلى أن مستوى التعاون الفرنسي معها سيعتمد على خطواتها نحو إنهاء الحرب.
كما دعا الدول العربية والإسلامية إلى الاعتراف بإسرائيل فور قيام دولة فلسطين، لتحقيق سلام شامل.
رسالة أمل وتضامن
ختم الرئيس كلمته بالتأكيد على أن السلام هو الخيار الوحيد لكسر دوامة العنف، مستذكرًا اغتيال إسحاق رابين عام 1995،
الذي دفع حياته ثمنًا للسلام.
وقال: “لقد حان الوقت لإسرائيل أن تعيش في أمان، وللشعب الفلسطيني أن ينال عدالته بدولة شقيقة في غزة والضفة الغربية والقدس”.
وأضاف أن 142 دولة تدعم هذا السلام، داعيًا إلى بناء مستقبل يسوده الأمل والتعايش.