موسيقى

مهرجان العلمين.. مصر أخرى لا تعرف شيئا عن خطة تخفيف الأحمال

كان عم أحمد قد أغلق محله التجاري للتو في الساعة العاشرة مساء لأول مرة منذ أزمة فيروس كورونا، تنفيذا لقرار رئيس الوزراء الخاص بترشيد الكهرباء، والذي طبقته الحكومة بداية يوليو الجاري ضمن خطة تخفيف الأحمال، وذهب عم أحمد للبيت ليتصفح حسابه على مواقع التواصل، ويفاجأ بوابل من التهليل والترحيب بإقامة مهرجان العلمين في نسخته الثانية، ليسأل نفسه هل سيقام هذا المهرجان في دولة أخرى، لا تعاني من مشكلة قطع الكهرباء ؟

مهرجان العلمين.. النسخة الثانية

على الرغم من  استمرار مشكلة قطع الكهرباء في مصر، قررت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية،  إقامة الموسم الثاني من مهرجان العلمين خلال  الفترة من 11يوليو  الجاري وحتى الأسبوع الأول من شهر سبتمبر  المقبل.

وأكدت الشركة على إقامة معظم الفاعليات  بالفترة الصباحية إلتزاما بخطة الدولة بترشيد الكهرباء، مؤكدة أن المهرجان جزء من استراتيجية كاملة  للاستفادة من صناعة الترفيه  للترويج للوجهات السياحية في مصر.

وأعلنت إدارة المهرجان العلمين، أنه سيتم  تخصيص 60% من أرباح  المهرجان  لصالح فلسيطن، وهو ما أشير إليه في البوستر الخاص بالمهرجان .

عمرو الفقي الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على هامش المؤتمر الصحفي للإعلان عن إقامة النسخة الثانية من مهرجان العلمين

وبالتزامن مع الإعلان عن هذا المهرجان، اكتست مواقع السوشيال ميديا بتعليقات من الإعلاميين ” معظمهم عاملين في القنوات والمواقع التي تمتلكها الشركة المتحدة”، جاءت معظمها مدافعة عن قرار إقامة النسخة الثانية من المهرجان، مثيرة لحالة من الريبة بأن كل شىء كان معدا مسبقا، وأن الشركة المتحدة أرادت أن تسير بمبدأ الهجوم غير من الدفاع ، لأنها تدرك أن القرار من المتوقع أن يواجه بموجة نقد لاذعة ، على غرار ما ناله المهرجان في موسمه الأول .

لماذا يهاجم الشعب المصري مهرجان العلمين ؟

يؤكد معظم من ينتقد مثل هذه الفاعليات، أنه ليس ضد فكرة الترويج للسياحة ولا إقامة المهرجانات الفنية، لكن الأمر يختلف عند الحديث عن  مدينة العلمين الجديدة أو المدن الساحلية الجديدة ، أولا  نظرا لأن المدنية  أقيمت بالأساس بهدف الاستثمار العقاري وبيع الوحدات  للأجانب والمصريين  المقتدرين خاصة العاملين في الخارج.

لذلك فليس من الجدوى الاقتصادية أن تقيم مهرجانا يتكلف عشرات الملايين من الجنيهات ولا يشاهده إلا كل من هو مقيم  بمصر ولا يستطيع أن يشتري وحدة سكنية 60مترا، كما أن المواطن المصري لم يرى حتى الآن أي مردود اقتصادي من إقامة مثل هذه المدن والفاعليات ، لكن بالعكس فإن ظروفه المعيشية تزداد سوءا يوما بعد يوم.

ثانيا أنه معظم رواد مواقع التواصل الاجتماعي يعتقدون  أن الأمر أصبح استفزازيا ، فالمدن الجديدة  والسياحية تكاد تكون مضاءة ليلا نهارا، فيما تقطع الكهرباء عن المدن والأحياء  والقرى المصرية بالساعات يوميا، بسبب عجز الدولة عن توفير الطاقة، وهو ما يعد تمييزا واضحا من جانب الحكومة في تعاملها مع طبقات المجتمع المختلفة.

هل يدر مهرجان العلمين أرباحا ؟

قالت إدارة المهرجان أنه من المقرر تخصيص 60%  من أرباح المهرجان هذا العام لمساعدة فلسطين، في لافتة رحب بها البعض مما ، فيما اعتبرها البعض مجرد لقطة  لاستغلال تعاطف الشعب مع  القضية الفلسطينية ، بما يدرأ  عن إدارة المهرجان أية انتقادات متوقعة من جانب من يرون أنه كان من الأنسب عدم تنظيم مثل هذه الفاعليات في تلك الظروف التي يشهد فيها العالم العربي على حرب إبادة ضد أهالي غزة ،فيما يواجه المصريون أوضاع اقتصادية غير مسبوقة.

وكشفت إدارة المهرجان، عن أن عددا كبيرا من  نجوم الفن المصري والعربي سيحيون حفلات في الموسم الثاني للمهرجان، وعلى رأسهم محمد منير وعمرو دياب وكاظم الساهر ونانسي عجرم وراغب علامة وغيرهم من  نجوم الفن والغناء  كما أنه من  المقرر عرض مسرحيات بالتعاون مع موسم الرياض بقيادة  المستشار تركي آل الشيخ .

ليتسائل رواد مواقع التواصل عن  تلك الأرباح التي تدرها مثل هذه الفاعليات التي يصرف عليها مئات الملايين بسبب  ضخامة التنظيم وأجور الفنانين الفلكية، فيما يحضرها عدد محدود للغاية من العائلات المصرية الثرية التي  تذهب لقضاء عطلة الصيف في الساحل الشمالي أو من تقوم الشركات والبنوك والمؤسسات الحكومية بدعوتهم على حسابها الخاص لحضور فاعليات المهرجان.

 ليأكدوا أن المهرجان لا يمنح أي قيمة مضافة ولا يمثل مصدرا للدخل السياحي كما يروج القائمين عليه، بسبب ضعف حضور السياح العرب وعدم اهتمام السياح الأجانب، بمثل هذه المهرجانات بالأساس ، فيما لا يجني المواطن منه سوى زيادة ساعات قطع الكهرباء، لأنه من غير المعقول أن تقام الحفلات الغنائية في الصباح كما قالت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في بيانها.

لماذا لا تقطع الكهرباء في الساحل الشمالي ؟

إذا بحثت على مواقع السوشيال ميديا عن كلمة الساحل الشمالي ، ستفاجأ بكم ضخم من البوستات الساخرة عن حالة الرفاهية الطاغية التي يعيش فيها سكان تلك المنطقة، للحد  الذي يجعلهم  يوصفون بأنهم من كوكب أخرى أو أنهم يسكنون بلد أخرى غير مصر، التي تواجه كل يوم أزمة  بسبب الظروف  الاقتصادية والمعيشية الصعبة.

بودأت مشكلة قطع الكهرباء بمصر في منتصف العام الماضي2023،  وذلك بالتزامن مع انطلاق النسخة الأولى من مهرجان العلمين، ووسط استمرار انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 5 ساعات على جميع أنحاء مصر ، ظلت العلمين الجديدة  والمدن السياحية في مصر لا  ترى شيئا من هذا الظلام وذلك  الطقس الحار، الذي يعاني منه السواد الأعظم من الشعب.

صورة من إحدى القرى السياحية بالساحل الشمالي

توصف الأضواء التي  تظهر في مثل هذه الاحتفالات بأنها يمكنها أن تير مصر بالكامل، لذا  ربط العديد من المواطنين بين ما يحدث في الساحل الشمالي والمدن  الجديدة بشكل عام ، وبين ما يعانونه في الداخل من أزمة في الكهرباء، ووفقا لوجهة النظر تلك فمن المؤكد أن المدن الجديدة  التي تضاء فيها الكهرباء 24 ساعة ، فيما يكاد يسكنها الأشباح تستهلك  جزءا كبير للغاية من الطاقة  المتاحة وتسبب ضغطا مهولا  على الشبكة القومية للكهرباء لاسيما في فصل الصيف .

بيد أن بعض المسئولين عن قطاع الكهرباء، يزعمون  بأن الساحل الشمالي ليس له علاقة  بقطع الكهرباء عن باقي المناطق والمحافظات، وأنه ليس مستثنى، إذ أن معظم القرى السياحية  بها محطات ومولدات خاصة تجعلها قادرة على توفير الطاقة طوال اليوم .

لكن الحقيقة أن بعض المصادر في قطاع الكهرباء، أكدت أنه بالفعل فإن المدن السياحية كالغردقة وشرم الشيخ ومنتجعات الساحل الشمالي، مستثناة بالفعل من خطة تخفيف الأحمال ، في وقت كشف فيه البعض أن بعض الكوبوندات الفاخرة في  العاصمة “القاهرة” مستثناة هي الأخرى من تطبيق هذه الخطة  فيما لا يتحمل أعبائها إلا الأسر الفقيرة والمتوسطة جعل المجتمع يوصم بالطبقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى