هل تطيح أزمة قطع الكهرباء في مصر بنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي؟
بعد انتشار دعاوى على مواقع التواصل الاجتماعي لرحيل النظام

أثارت موجة الغضب العارمة التي انتابت المجتمع المصري خلال اليومين الماضين، بسبب زيادة فترة قطع الكهرباء، التساؤلات حول مصير نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ،وذلك عقب انتشار دعوات على مواقع السوشيال ميديا تطالب برحيل نظام الحكم.
لم تنشر دعوات رحيل الرئيس السيسي عن الحكم على حسابات بعض المواطنين العاديين المتضريين من انقطاع الكهرباء وموجات الغلاء أو حتى المؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين فحسب، لكن الغريب في الأمر أن بعض الإعلاميين المحسوبين على النظام، انتقدوا أيضا قرار زيادة فترة تخفيف الأحمال أيضا، مما جعل البعض يتسائل حول ما يدور في الكواليس، وإن كان هناك نية للإطاحىة بالنظام المصري الحالي على غرار ما حدث مع الأنظمة السابقة.
وكان الإعلامي عمرو أديب هو أول من لمح إلى هذا الأمر عندما علق على أزمة زيادة ساعات تخفيف الأحمال والانقطاع المتكرر للكهرباء مؤخرا، وقال إنه ينبغي أن يرحل المسئول والمتسبب في تلك المشكلة.
وهاجمت الإعلامية لميس الحديدي، رئيس الوزراء بسبب زيادة ساعات قطع الكهرباء، وتسائلت عن الأموال التي اقترضتها الحكومة من صندوق النقد وما حصلت عليه من صفقة بيع مدينة رأس الحكمة، وعدم شراؤها للغاز الطبيعي من الخارج لحل المشكلة، وذلك في منشور لها على موقع “إكس” .
كما تناول الإعلامي إبراهيم عيسى القضية في برنامجه الذي يبث على قناة القاهرة والناس، الازمة وقال إن أزمة انقطاع الكهرباء هو عنوان للفشل ، وأن لها علاقة بالفلوس والأموال ودفع الحكومة لأقساط الديون .
حتى الإعلامي أحمد موسى، المعروف بولائه للنظام المصري انتقد زيادة فترة تخفيف الأحمال، وقال” الناس كلها بتعاني ومش عايزين تخفيف أحمال خالص”.
وأدى تناول هؤلاء الإعلاميين إلى حديث البعض على الشوسيال ميديا بأن هناك أمورا ربما تجري خلف الكواليس بالنسبة لمستقبل النظام المصري الحالي، وذلك نظرا لكون هؤلاء الإعلاميين دائما ما دافعوا عن السياسات الحكومية ، وأشادوا بالانجازات التي كانت الحكومة تروج لها، على غرار ما فعلوه مع نظامي حسني مبارك ومحمد مرسي ، فيما كانوا أول من قفز من السفينة عندما انهار النظامين .
السيسي يوجه بالحد من فترة تخفيف الأحمال
وعلى وقع تصاعد حالة الاحتقان الشعبي، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكومة بالعمل على الحد من فترة انقطاع الكهرباء.
ويأتي ذلك بعد يومين فقط من إعلان وزارتي البترول والكهرباء، تمديد فترة انقطاع الكهرباء على مختلف أنحاء البلاد ساعة إضافية لتصل إلى 3 ساعات، بدلا من ساعتين لمدة يومين ، قبل أن تعلن أنها ستستمر حتى نهاية الأسبوع الجاري .
وعقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مؤتمرا صحفيا اليوم الثلاثاء، تحدث خلاله عن أسباب الأزمة الأخيرة، معتذرا للشعب المصري عن الأزمة معلنا عن عدد من القرارات لإنهاء الأزمة.

وقالرئيس الوزراء، إن زيادة ساعات انقطاع الكهرباء أمس الاثنين، جاء نتيجة توقف ضخ الغاز من أحد الحقول بإحدى دول الجوار، نتيجة عطل فني أخرجه من الخدمة لمدة 12 ساعة .
وأكد مدبولي، أنه وجه بتوفير 180 مليون دولار لاستيراد 300 مليون طن مازوت، لزيادة الاحتياطيات تحسبا لموجات الحراراة في يوليو المقبل ، مؤكدا أنه سيتم توفير ملياردولار أخرى لزيادة الاحتياطيات بما يؤدي لمنع انقطاع الكهرباء تماما مع نهاية الأسبوع الثالث من يوليو المقبل.
وكشف مدبولي عن أنه لايمكن حل المشكلة دون وجود خطة لترشيد الكهرباء، ما جعله يتفق مع وزير التنمية المحلية على إصدار قرار بداية من الشهر المقبل بغلق المحلات التجارية بداية من الساعة العاشرة مساءا .
قطع الكهرباء ونهاية حكم الإخوان
أعاد المشهد الإعلامي والاقتصادي الراهن إلى الأذهان الأزمة التي مرت بها مصر خلال الأيام الأخيرة لحكم الإخوان الملسمين، حيث كانت مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، وأججت تلك المشكلة في الأيام الأخيرة لحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي مشاعر الغضب الشعبي ضد نظامه ودفعت الملايين للخروج في الشوراع للهتاف بإسقاط حكم الإخوان المسلمين فيما عرف بثورة 30 يونية، ما أدى في النهاية لقيام الجيش المصري بالإطاحة بنظام الأخوان في 3 يونية 2013.
والمثير في الأمر أن مشاهير برامج التوك شو في مصر، كانوا قد انقلبوا على نظام الأخوان، ووجهوا له الانتقادات اللاذعة بسبب أزمة انقطاع الكهرباء، وهو ما يرى البعض أنه كان من ضمن أسباب تأجيج مشاعر الغضب ضد حكم الأخوان وقتها .
علاقة إسرائيل بأزمة الكهرباء في مصر
أما الأغرب في أزمة انقطاع الكهرباء في مصر، إن هناك بعض المحللين يرون أن إسرائيل تعتبر جزءا أساسيا من تلك الأزمة ، إذ أن الحرب على غزة أدى إلى توقف إمدادات الغاز من إسرائيل إلى مصر، بعد أن أغلقت الأخيرة حقل غاز تمار بسبب الحرب.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قد أشاد باتفاق استيراد الغاز من إسرائيل في عام 2018، واعتبر أن هذا الاتفاق أحرزت به مصر هدفا في شباك بعض الدول الإقليمة ” في إشارة إلى تركيا .
وقبل أيام نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن مصر ستزيد اعتمادها على استيراد الغاز من إسرائيل لحل مشكلة الطاقة في البلاد، وذلك على خلفية عدم ارتقاء حقل ظهر لمستوى التوقعات في إنتاج الغاز، مع زيادة معدلات الطلب المحلي ونقص موارد العملة الصعبة .
ولعل المثير للغرابة أيضا أن قضية تصدير أو استيراد الغاز من إسرائيل ، كانت حاضرة في تصاعد الغضب ضد نظام الرئيس الراحل حسني مبارك
وكانت قضية صادرات الغاز المصري لإسرائيل بأسعار منخفضة ، إحدى أهم القضايا التي آدت لتآكل شعبية نظام مبارك، مما أدى في النهاية لإسقاطه بعد اندلاع أحداث ثورة يناير 2011.
وتأتي أزمة قطع الكهرباء في مصر عقب شهرين فقط من الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد بعد تآكل الاحتياطي النقدي وارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء ليصل لمستوى الـ70 جنيها .
وبالرغم من أن هذه الأزمة قد هدأت بعض الشىء بعد عقد صفقة بيع مدينة رأس الحكمة، وحصول مصر على الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي ، بيد أن مشكلة زيادة الأسعار وقيام الحكومة برفع الدعم عن السلع الأساسية من فترة لأخرى تنفيذا لتوصيات صندوق النقد، جعلت قطاع كبير من الشعب يعبر عن استيائه من الأوضاع الاقتصادية، مما جعل النظام يشعر بأن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة .