“ماريو والساحر”: كيف تنبأ توماس مان بالنهاية المأساوية للفاشية ( ملخص الرواية)

رواية “ماريو والساحر” للكاتب الألماني الحائز على جائزة نوبل توماس مان، والتي نُشرت عام 1929،
هي عملًا رمزيًا عميقًا يتجاوز كونه قصة بسيطة.
فمن حكاية عائلة ألمانية تقضي عطلتها في إيطاليا، ينسج مان نقدًا لاذعًا لصعود الفاشية، ممثلة في شخصية الساحر الديكتاتوري سيبولا.
هذا الساحر، الذي يسيطر على الجماهير بالتلاعب النفسي والإذلال، يرمز إلى القائد الاستبدادي.
يقابل هذا الطغيان شخصية ماريو، الشاب البسيط الذي يمثل الشعب، والذي يخضع في البداية لسحر القائد، لكنه يثور عليه في لحظة حاسمة.
إن رواية “ماريو والساحر” ليست مجرد قصة عن السحر، بل هي تحذير فني من خطورة استسلام الفرد للسيطرة الجماعية وفقدان حريته،
وهو ما يجسده الراوي المثقف الذي يراقب الأحداث بقلق.
لذلك نستعرض في السطور القادمة ملخص لأحداث الرواية والتعريف بشخصياتها، وكيف تنبأ توماس مان بنهاية الفاشية الإيطالية مما جعل الرواية من كلاسيكيات الأدب الألماني .
شخصيات رواية “ماريو والساحر” لتوماس مان
الراوي (الكاتب الألماني): هو الشخصية الرئيسية التي تروي الأحداث من وجهة نظرها.
هو كاتب ومثقف ألماني يقضي إجازته مع عائلته.
يمثل المثقف الأجنبي الذي يراقب الأحداث في إيطاليا بانتباه ويشعر بالضيق والنفور من الجو السائد.
لا يشارك بشكل مباشر في الأحداث، بل يعمل كعدسة يرى القارئ من خلالها التوتر السياسي والنفسي الذي يخيم على المكان.
سيبولا (الساحر): هو الشخصية المحورية التي تدور حولها الأحداث.
ساحر متنقل، ومنوم مغناطيسي، ومتحكم في العقول. يوصف بأنه رجل مريض يعاني من عيب خلقي (حدبة في الظهر)،
مما يعطيه إحساسًا بالنقص والعجز، يترجمه إلى رغبة في السيطرة على الآخرين وإذلالهم.
يستخدم قدرته على التنويم المغناطيسي لإخضاع الجمهور، ويُعتبر رمزًا للقائد الفاشي الذي يسيطر على الجماهير بالكاريزما والتلاعب النفسي.
ماريو (الخادم الإيطالي) : شاب محلي يعمل في أحد المقاهي القريبة من مكان العرض.
يوصف بأنه خجول وبسيط، ويظهر عليه إعجاب كبير بالساحر سيبولا.
يمثل ماريو الشخص العادي، أو حتى الشعب، الذي يقع ضحية التنويم المغناطيسي والسيطرة الكاملة من قبل القائد الديكتاتوري.
رد فعله في نهاية العرض هو لحظة التحول الدرامية التي تنهي سيطرة الساحر.
أفراد عائلة الراوي: تشمل زوجة الراوي وأطفاله. شخصياتهم ليست مفصلة بشكل عميق،
ولكن وجودهم ضروري لتقديم وجهة نظر العائلة الأجنبية التي تشعر بعدم الارتياح من الأجواء المعادية في المنتجع الإيطالي.
هم يمثلون الأبرياء الذين ينجذبون إلى العرض السحري في البداية، لكنهم سرعان ما يشعرون بالخطر والنفور.

ملخص رواية “ماريو والساحر“
تبدأ الرواية القصيرة “ماريو والساحر” للكاتب الألماني توماس مان، والتي نُشرت عام 1929،
بوصول الراوي وعائلته إلى بلدة توري دي فافيرنيري الساحلية الإيطالية.
على الرغم من أن الشاطئ جميل، فإن القرية تبدو قديمة ومتهالكة وتفتقر إلى المرافق الجيدة،
كما أنها مكتظة بالمصطافين من جميع أنحاء أوروبا.
يعبر الراوي عن خيبة أمله من هذه الأجواء، إذ كان يتوقع منتجعًا سياحيًا أكثر تميزًا يليق بسمعة جنوب إيطاليا.
كما يلاحظ هو وزوجته أن العاملين في الفندق والمطعم يبدون محبطين، وتتعرض المنطقة لموجة حر شديدة.
الاستياء والأحداث المفاجئة
تزداد الأجواء سوءًا عندما تتعرض ابنة الراوي للإهانة من قبل بعض الشباب المحليين أثناء تبديل ملابس السباحة على الشاطئ.
في الوقت نفسه، يمرض ابنهم الصغير بمرض يشبه السعال الديكي، مما يزيد من قلق الوالدين.
وفي محاولة للتغلب على هذه المشاكل، تقرر العائلة حضور عرضٍ سحري يقدمه المنوّم المغناطيسي الشهير سيبولا.
حين يأتي موعد العرض، تمتلئ قاعة السينما بالمعجبين الذين ينتظرون وصول سيبولا بفارغ الصبر. يصعد سيبولا على المسرح، ويحدق في الجمهور بعينين حادتين، بينما تبدو أسنانه مهترئة ويداه طويلتين كالمخالب، مما يسبب للراوي شعورًا بالضيق.
العرض السحري المخيف
يدخن الساحر ويشرب الكونياك أثناء العرض، بينما يقطع حديثه بضربات عنيفة من سوطه، ويمزح مع الجمهور بشكل قاسٍ.
غالبًا ما يطلب من أفراد من الجمهور الصعود إلى المسرح لأداء حركات تبدو مستحيلة أو صادمة.
مع مرور الوقت، تزداد الحيل إزعاجًا، خاصة في الليل، حيث يُخرج أحد الشبان لسانه بطريقة مبالغ فيها،
بينما يتشنج رجل آخر ويهتز بشكل هستيري، ثم يجلس مجددًا على كرسيه وكأنه لم يحدث شيء.
يطلب الساحر من الجمهور إعطاءه أرقامًا مختلفة.
وعندما يجمعها، يصل إلى رقم المليون، ويكشف أنه كان قد كتب هذا الرقم مسبقًا.
ثم ينتقل إلى سلسلة من حيل أوراق اللعب، حيث يأخذ ثلاث بطاقات عشوائية من مجموعته،
ليكتشف الجمهور أنها هي نفسها البطاقات التي اختاروها هم من مجموعة أخرى.
السيطرة والإذلال
يلاحظ الراوي أن الساحر يستمتع بالحيل القاسية والدنيئة التي تثير الجمهور وتُعرّضه للإذلال الجسدي والنفسي.
يرى الراوي أن سيبولا يتفاخر بلقب “الفارس“، وهو لقب يطلق عادةً على القادة العسكريين،
على الرغم من أنه لم يخدم في الجيش بسبب انحناء ظهره. يبدو أن سيبولا قد كسب إعجاب الكثير من الحضور.
يدخل العرض في استراحة طويلة ومربكة لا تقل عن عشرين دقيقة، ثم يعود سيبولا لممارسة المزيد من الحيل.
يبدأ بالتلاعب بعقولهم، فيجعل إحدى النساء غير قادرة على سماع صوت زوجها،
ويجعل مجموعة من الشباب يرقصون دون توقف حتى يأمرهم بالتوقف.
نقطة التحول
أخيرًا، يستدعي سيبولا شابًا في العشرينات من عمره يُدعى ماريو. ماريو شاب متواضع يعمل في مقهى قريب،
حيث يقدم الوجبات الخفيفة للضيوف.
يسأله سيبولا عن عمله، ويُظهر معرفة غريبة بالنساء اللواتي كان ماريو على علاقة بهن.
يكشف الساحر أنه يعرف سيلفسترا، الفتاة التي يحبها ماريو، ويبدأ في طرح أسئلة استقصائية عنها.
ثم ينوم سيبولا ماريو مغناطيسيًا، ويبدأ في التحدث بصوت سيلفسترا، ويطلب من ماريو تقبيله.
يستجيب ماريو للأمر ويقبله، وعندما يطلق سيبولا تعويذته وينتبه ماريو لما حدث، ينكمش من الرعب.
يصاب الجمهور بالذهول، لكنهم لا يدركون أن هناك خطبًا ما.
الخاتمة المأساوية
فجأة، يُسمع دوي انفجارين قويين.
لقد أطلق ماريو النار على سيبولا بمسدس محلي الصنع وهرب سريعًا.
يلاحظ الراوي شعورًا بالصدمة والرعب في القاعة، ولكنه يرى أيضًا شعورًا واضحًا بالارتياح،
حيث انكسرت أخيرًا قبضة الساحر المضطربة على الجمهور.
وهنا تنتهي أحداث رواية ماريو والساحر.