مسرح

ملخص مسرحية “هنري الثامن” لشكسبير: قصة الملك المِزواج

مسرحية “هنري الثامن” هي آخر الأعمال التاريخية العشرة التي كتبها ويليام شكسبير، وآخر مسرحياته على الإطلاق، كتبها حوالي عام 1613، قبل وفاته بثلاث سنوات.

هذه المسرحية مُصنفة كعمل احتفالي أكثر من كونها دراما تاريخية تقليدية، إذ تركز على الأحداث التي مهدت لميلاد الملكة إليزابيث الأولى،

ابنة الملك هنري الثامن وآن بولين، مع الاحتفاء بعصرها المزدهر.

موضوعات المسرحية

كما أن المسرحية تجمع بين الصراعات السياسية، الدينية، والشخصية في بلاط إنجلترا خلال القرن السادس عشر،

وتتناول موضوعات السلطة، الطموح، الخيانة، والإصلاح الديني.

وهي على عكس المسرحيات التاريخية الأخرى لشكسبير مثل “ريتشارد الثالث” أو “هنري الخامس”،

“هنري الثامن” متميزة بنبرة احتفالية تهدف إلى تمجيد الملكة إليزابيث وخليفتها الملك جيمس الأول، اللذين حكما إنجلترا في عصر ازدهار ثقافي وسياسي.

على الرغم من أنها ليست من أشهر أعمال شكسبير، إلا أنها تحمل أهمية كبيرة كونها تعكس السياق التاريخي والسياسي لإنجلترا الإليزابيثية،

وتبرز التحولات الدينية من الكاثوليكية إلى البروتستانتية.

شخصيات مسرحية هنري الثامن

شخصية الملك هنري الثامن: ملك إنجلترا، وهي الشخصية المركزية في المسرحية

مازجًا بين الرغبات الشخصية والضمير الديني، وساعيًا لتحقيق الاستقرار السياسي والديني.

الملكة كاترين الأراغونية: الزوجة الأولى لهنري، سيدة فاضلة ومخلصة تواجه مصير الطلاق بكرامة.

آن بولين: وصيفة الملكة كاترين، تصبح لاحقاً زوجة هنري ووالدة الملكة إليزابيث الأولى.

الكاردينال وولزي: رئيس أساقفة يورك، شخصية طموحة تسيطر على شؤون البلاط وتثير كراهية النبلاء.

دوق باكنغهام: نبيل معارض لوولزي، يتهمه وولزي بالخيانة العظمى للملك ويُعدم.

الكاردينال توماس كرانمر: رئيس أساقفة كانتربري، ممثل الإصلاح البروتستانتي وداعم لآن بولين.

الأسقف جاردينر: أسقف وينشستر، ممثل التقاليد الكاثوليكية ومعارض لكرانمر.

لورد ساندز: نبيل إنجليزي مرح يعارض التأثيرات الفرنسية في البلاط.

توماس كرومويل: السكرتير الخاص لوولزي، شخصية مخلصة وساعية للحفاظ على سلامتها بعد سقوط سيدها.

ملخص مسرحية هنري الثامن

تبدأ المسرحية عام 1520، بعد اللقاء التاريخي بين ملك إنجلترا هنري الثامن وملك فرنسا في “ساحة كلوز أوف جولد”،

وهي مناسبة دبلوماسية فخمة.

في لندن، يجتمع النبلاء لمناقشة الاحتفالات الرائعة التي أشرف عليها الكاردينال وولزي، رئيس أساقفة يورك،

الذي يُنظر إليه كشخصية طموحة من أصول متواضعة استطاعت السيطرة على شؤون البلاط.

يُبدي دوق باكنغهام كراهية شديدة لوولزي، واصفاً إياه بـ”كلب الجزار”، ويتهمه بالفساد والتأثير الشرير على الملك.

وبسبب ذلك يخطط باكنغهام لاتهام وولزي بالخيانة العظمى، لكن وولزي يسبقه إلى الملك

ويتهم باكنغهام بالخيانة، مستنداً إلى شهادات من خدمه، مما يؤدي إلى سجنه في برج لندن.

من جانبها تحاول الملكة كاترين الأراغونية، زوجة هنري، مواجهة نفوذ وولزي.

في تلك الأثناء تنجح في إقناع الملك بإلغاء ضريبة قاسية فرضها وولزي على الشعب،

كما تتوسل من أجل باكنغهام، لكن شهادات خدمه ضده تحول دون إنقاذه.

محاكمة باكنغهام

يُحاكم باكنغهام ويُدان بتهمة الخيانة، فيُقتاد عبر شوارع وستمنستر إلى الإعدام. يوجه باكنغهام خطبة مؤثرة للجماهير، طالبًا منهم الصلاة من أجله،

قائلاً: “أيها الناس الخيرون، صلوا من أجلي، يجب عليّ الآن أن أترككم، فقد حانت الساعة الأخيرة من حياتي الطويلة المضنية”.

في هذه الأثناء، يقيم وولزي وليمة فخمة في قصره بـويستمنستر، ويدعو إليها النبلاء والسيدات.

خلال الوليمة، يصل الملك هنري متنكراً مع أصدقائه كرعاة، ويشاركون في الرقصات الصاخبة.

يختار هنري آن بولين، وصيفة الملكة، كشريكة له في الرقص، ويبدأ في مغازلتها، قائلاً: “حبيبة القلب، لقد كنت فظاً في مرافقتك دون تقبيلك”.

يظهر لورد ساندز، أحد النبلاء، بروح مرحة، معبراً عن استيائه من تأثيرات الموضة الفرنسية مثل السراويل القصيرة والأغاني الفرنسية، التي يراها تهديداً لقدرته على جذب السيدات.

شرعية الزواج من كاترين

تتصاعد الأحداث عندما يبدأ وولزي بالتأثير على هنري للتشكيك في شرعية زواجه من كاترين،

مدعياً أنه غير قانوني لأنها كانت زوجة شقيقه الراحل.

 يهدف وولزي إلى تعزيز تحالف مع فرنسا من خلال تزويج هنري من أميرة فرنسية،

لكنه يواجه معارضة النبلاء الذين ينزعجون من مؤامرته ضد الملكة.

كاترين أراغون، المخلصة والفاضلة، تحاول مقاومة وولزي، لكنها تجد نفسها عاجزة أمام ذكائه السياسي.

في الوقت نفسه، تُظهر آن بولين انزعاجها من المصير الذي يهدد سيدتها كاترين،

وترفض فكرة أن تصبح ملكة، لكن هنري يمنحها لقب ماركيزة،

مما يثير تعليقات ساخرة من وصيفة عجوز تقول لها: “كيف تتذوقين الأمر الآن؟ هل هو مرّ مثل العمل المتواضع؟”.

يعقد هنري مجلساً للنظر في شرعية زواجه من كاترين.

تقاطع كاترين الإجراءات، راكعة أمام الملك، وتتوسل تأجيل الحكم حتى تستشير أصدقاءها في إسبانيا،

مؤكدة أنها كانت زوجة مخلصة لأكثر من عشرين عاماً.

وولزي العدو اللدود

تتهم وولزي بأنه ألد أعدائها، لكنه يدافع عن نفسه بلطف، مدعياً أنه يخدم الملك فقط.

ترفض كاترين سلطة المحكمة وتنسحب بكرامة، فيُعبر هنري عن إعجابه بها، قائلاً: “اذهبي في طريقك يا كيت،

فالرجل الذي يدّعي أن لديه زوجة أفضل يكذب”.

ومع ذلك، يؤكد أن ضميره مضطرب بسبب شكوك السفير الفرنسي في شرعية ابنته ماري، وبسبب عدم إنجاب كاترين لوريث ذكر.

يحاول وولزي وزميله الكاردينال كامبيوس إقناع كاترين بالعدول عن رفع قضيتها إلى البابا،

لكنها تهاجمهما في غضب، لكنهما يحافظان على هدوئهما.

في النهاية، تضطر كاترين للرضوخ.

لكن وولزي يُخطئ في تقدير نوايا هنري، الذي يركز اهتمامه على آن بولين.

يكتشف هنري رسالة غير حذرة كتبها وولزي إلى البابا، وقائمة بثروته الهائلة، فيطرده من منصبه.

يواجه وولزي سقوطه بكرامة، معترفاً بخطيئة طموحه، ويقول لسكرتيره كرومويل: “وداعاً لكل عظمتي… اطرح الطموح جانباً، فهو الخطيئة التي أسقطت الملائكة”.

ينصح كرومويل بالحفاظ على سلامته، ويسلّم كل ممتلكاته للملك.

آن بولين ملكة إنجلترا

تُتوج آن بولين ملكة إنجلترا في حفل مهيب في دير وستمنستر، حيث يضع التاج على رأسها الكاردينال كرانمر، رئيس أساقفة كانتربري، الذي يدعم الإصلاح البروتستانتي.

في المقابل، تُترك كاترين مريضة ومهجورة مع قلة من الخدم المخلصين.

تكتب وصيتها، تاركة ابنتها ماري في رعاية هنري، وتطالب بدفنها كملكة.

تسمع عن وفاة وولزي، فتقول: “فليرقد في سلام”.

يواجه كرانمر اتهامات بالهرطقة من الأسقف جاردينر، لكن هنري يدعمه، مانحاً إياه خاتمه كدليل على الثقة.

عند ولادة الأميرة إليزابيث، يتنبأ كرانمر بأنها ستصبح ملكة عظيمة، قائلاً: “سوف يحبها ويخافها الجميع، وستكون مباركة، وفي أيامها سيعيش الناس في أمان”.

تنتهي المسرحية بموكب تعميد إليزابيث، مع مديح لها ولخليفتها جيمس الأول، اللذين جلبا السلام والازدهار لإنجلترا.

خاتمة

مسرحية “هنري الثامن” هي احتفاء بعصر الملكة إليزابيث الأولى والملك جيمس الأول، اللذين وفّرا بيئة مستقرة دعمت ازدهار المسرح.

من خلال تصوير الصراعات السياسية والدينية، يقدم شكسبير رؤية متفائلة لمستقبل إنجلترا، مع الإشادة بدور المسرح كفن عكس روح العصر الإليزابيثي المفعم بالثقة والإبداع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى