المدونةرواية

طلقتني لتحصل على معاش والدها.. شكاوى الزواج العرفي تثير أزمة بهيئة المعاشات

من دفتر أحوال الأسرة المصرية

في الوقت الذي تعاني فيه مصر من زيادة معدلات الطلاق خلال الأونة الأخيرة لأسباب عديدة لا حصر لها ، ظهرت مشكلة أخرى تتعلق بزيادة معدلات  الشكاوى  الكيدية الخاصة بالزواج العرفي، والتي يقدمها الرجال ضد الأرامل والمطلقات اللائي يحصلن على معاشات آبائهم، بهدف الابتزاز أو الضغط عليهن من أجل تحقيق مكاسب مادية ومعنوية.

وفي هذا السطور تستعرض “الريبورتاج” بعض الحالات التي قطع عنها المعاش بسبب شكاوى كيدية قدمها الرجال ضد بعض النساء لهيئة التأمينات والمعاشات، تزعم أنهن متزوجات عرفيا، ويتقاضين المعاشات بطرق ملتوية.

قالت فاطمة محسن، والتي فوجئت بإيقاف  معاشها التي كانت تتقاضه عن والدها، بعد أن ادعى صاحب المنزل الذى تسكن به برفقة أبنائها الثلاثة ، إنه متزوج منها زواجا عرفيا، وذلك لذريعة لطردها من المنزل، وتأجير الشقة التي تقيم بها  بقيمة إيجار أعلي لأصحاب الجنسية أخري.

 وأكدت محسن أنه بالفعل قامت هيئة التأمينات، بقطع المعاش بعد  تقدم صاحب المنزل بالشكوى  دون تقديم أي مستند يثبت عقد القران العرفي.

هيئة المعاشات لا تعتد بأحكام القضاء

وقالت سيدة أربعينية رفضت الكشف عن اسمها ، إنه بالرغم من تقدمها بحكم المحكمة  بطلاقها من زوجها السابق لهيئة التأمينات للحصول على المعاش ، إلا أن موظف التأمينات رفض ورقة المحكمة ، وطلب منها أن تأتي بزوجها السابق الذي ادعى أنه لم يطلقها وقدم شكوى للتأمينات لكي لا تحصل على معاش والدها ، ليشهد أنه طلقها .

وأشارت إلي أنها تعاني  مع موظفي  التأمينات منذ ثمانية شهور، وفي كل مرة يوعدها الموظف بعودة  المعاش بدون جدوي . 

وأضافت أنها  تعمل عاملة نظافة في مدرسة ، و ليس لديها إمكانيات مادية  للاستعانة بمحامى ، كما طالبها البعض برفع دعوى قضائية ضد التأمينات لإيقاف معاشها بدون وجه حق، وتقديم مستندات حكم المحكمة بالطلاق وقيدها العائلي الصادر من  السجل المدني  والذي يثبت أنها ليست على ذمة رجل آخر.

عايز ياخد نصف المعاش

أما ” سميرة يوسف” فقد تم إيقاف معاشها عقب تقدم شقيقها ببلاغ  مكتوب إلي هيئة التأمينات والمعاشات، يزعم إنها  متزوجة عرفيا .

 وأكدت أن شقيقها تقدم بهذات البلاغ الكيدي ، رغبة منه في اقتسام  المعاش الذي تتقاضاه عن أبيها معها يرغب في تقسيم المعاش معها ، عندما رفضت تقدم ، مشيرة إلى أنه كان يهددها في السابق بالابلاغ عنها في  هيئة التأمينات والمعاشات في حال رفضها لمطلبه، مما دفعها للخضوع في البداية له وتقسيم المعاش معه.

 وقالت سميرة يوسف،إن موظف التأمينات طلب منها  أيضا  ضرورة  استرداد الأموال التي حصلت عليها من معاش والدها بعد طلاقها منذ ست سنوات،  وإلا قدم ضدها بلاغا في الأموال العامة بتهمة الحصول على أموال عامة بدون وجه حق.

يبتزني لأتنازل عن نفقة الأولاد

في السياق ذاته تعرضت ” سماح عيد” للابتزاز من زوجها السابق ، الذى قام بتقديم شكوى ضدها في التأمينات والمعاشات ، بإنه متزوج منها زواجا  عرفيا  بعد الطلاق .

وتقول السيدة  الثلاثينية، إن زوجها طلب منها التنازل عن  الدعوى التي أقامته ضده للحصول على  نفقة الأولاد ونفقة المسكن، نظير عدم تقديم شكوى ضدها  في التأمينات.

تزايد معدلات الطلاق في مصر

 وأوضحت  “عيد” أنه بسبب رفضها التنازل عن القضايا  الخاصة بالنفقة ، قام زوجها السابق بتقديم شكوى ضدها مدعيا بإنها متزوج منه عرفيا ، ذاكرا في الشكوى أن سبب طلاقها  منه كان بهدف الحصول على معاش والدها .

وأكدت إن محامى سوف يتقدم دعوى  ضد التأمينات في مجلس الدولة ، لإيقاف التأمينات بدون سبب.

في المقابل تعرضت ” رانيا محمود ” للتهديد من زوجها ، بعدما أصرت على طلب  الطلاق منه، بأنه سوف يقدم شكوى للتأمينات ليحرمها من الحصول على معاش أبيها في حال الطلاق .

تعديل قانون التأمينات والمعاشات

وطالب وليد عبدالمقصود  محامي الأحوال الشخصية ، بضرورة تعديل قانون التأمنيات والمعاشات الجديد ،  وإدخال تعديلات التعديلات تلزم التأمنيات بتحويل الشكاوى والبلاغات التي تتضمن عقود الزواج العرفي إلي النيابة العامة للتحقيق.

 وأضاف أنه كثيرا ما يتقدم البعض بمستندات مزورة ، لكن هيئة التأمينات لا تتأكد من صحتها وينجو مقدميها من عقوبة ، مما زاد من حالات البلاغات والشكاوى الكيدية .

وأوضح ” عبدالمقصود”، أن  موظف التأمينات يصدر قرار بإيقاف المعاش بناء على الشكاوى الشفوية والكيدية ، دون الخشية من تعرضه  للمساءلة القانونية ،موضحا أنه يحق للمتضررة رفع دعوى قضائية ضد التأمنيات في مجلس الدولة . 

ويأتي ذلك وسط مطالبات متزايدة  بتعديل قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية، لما يتضمنه من مواد تمنع منح المرأة المعيلة معاش أبيها في حال كانت تعمل في وظيفة، كما يحرم هذا القانون  المرأة المعيلة التي لم يكنن لأبيها أو زوجها تأمينا اجتماعيا من الحصول على معاش في حال موت زوجها .

ونص قانون التأمينات والمعاشات الحالي الصادر عام 2019، على وقف المعاش المستحق للمرأة المعيلة في حالة الالتحاق بأي عمل والحصول منه على دخل يساوي قيمة المعاش أو يزيد عليه.

وطالبت بعض نائبات البرلمان بإنصاف المرأة التي تعول أطفال بصرف النظر عن مرتبها عند حساب استحقاق نصيبها من معاش أبويها مجتمعين، غير أن ذلك ليس سوى مطالبات ، لاتعدو عن كونها وجهات نظر  لا تعرف طريقا إلى قانون التأمينات والمعاشات.

الرأي الشرعي في التحايل بالزواج العرفي

 وفي رد دار الإفتاء المصرية على حكم الزواج العرفي بهدف التحايل على  القانون للحصول على معاش الوالد ، في حال كانت أسرة متعسرة ماديا ، واتفق الزوج والزوجة على الطلاق رسميا والزواج عرفيا .

أكدت دار الإفتاء المصرية إنه لا يجوز شرعا  الاتفاق بين الزوج وزوجته على الطلاق الرسمي ، ثم المراجعة الشفوية أو الزواج بصورة غير رسمية  للاستفادة من معاش والد الزوجة  المتوفي  لأن ذلك يشتمل على جملة من المنهيات الشرعية والمحظورات القانونية .

 تزايد معدلات الطلاق في مصر  

وتزايدت حالات الطلاق في مصر خلال السنوات  الأخير بمعدلات غير مسبوقة،  نتيجة عدة أسباب منها الثقافية والاقتصادية  والاجتماعية .

وبلغت حالات الطلاق في مصر في العام السابق 2023، نحو 230 ألف حالة ، وعلى الرغم من أن  هذه الأرقام تشير إلى أن هناك انخفاضا في حالات الطلاق مقارنة بالعام السابق له 2022، والتي بلغت فيها 270 ألف حالة ، غير أن البعض يرجع الانخفاض نتيجة لتقلص معدلات الزواج السنوية بسبب  الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها مصر خلال الفترة الأخيرة .

وترجع شيرين طه أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس ، أسباب تزايد معدل الطلاق إلى عدة أسباب، أهمها  الفشل في اختيار شريك الحياة ، وهو ما يدفع الزوجين لإنهاء العلاقة في السنة الأولى من الزواج ، حيث أن 65% من حالات الطلاق تقع في السنة الأولى .

وأضافت طه ، أنه من ضمن الأسباب الرئيسية لوقوع الطلاق ،  الأعباء المالية وعدم قدرة الزوج على سداد التزامات الأسرة ، وتراكم الديون بسبب التكاليف البهاظة التي تنفق على  تجهيزات العروسين .

وأوضحت أن وسائل التواصل الاجتماعي من الأسباب التي تقف وراء عدد كبير من حالات الطلاق، إذ أن تناول الحياة الشخصية على مواقع التواصل أدى إلى مقارنات المعيشة بين الأزواج ، وتنامي الخلافات التي تقود في النهاية إلى الطلاق .

 وبحسب أستاذة علم الاجتماع‘ فإن  الاختلاف في الميول والمستوى التعليمي والاجتماعي من بين الأسباب التي تنهي العلاقة الزوجية ، لاسيما في السنة الأولى ، علاوة على الأسباب التي تتعلق  بتحكم الأهل والأقارب أحيانا في حياة الزوجين ، وتدخلهم بشكل كامل في اختياراتهم وقراراتهم .

ابتسام عبدالفتاح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى