مسرحية “الأب”.. ملخص ملحمة نفسية تجسد الصراع المدمر بين الرجل والمرأة

تعتبر مسرحية “الأب” من تأليف الكاتب المسرحي السويدي الشهير أوغست ستريندبرغ، والتي صدرت عام ،١٨٨٧، من أشهر الأعمال التي تناولت الصراع المدمر بين الرجل والمرأة .
تروي المسرحية، التي تعد من أشهر الأعمال في الأدب السويدي على مدار ثلاثة فصول، قصة صراع إراداتٍ متوتر بين زوجٍ وزوجته، وهما يتجادلان بشأن مستقبل ابنتهما.
اعتمد ستريندبرغ نهجًا دراماتيكيًا طبيعيًا، مع التركيز على الأسباب الوراثية والبيئية للاختلال الوظيفي بدلًا من الدراما ذات الجذور العاطفية.
ومثل معظم مسرحيات ستريندبرغ، تُرجمت مسرحية “الأب” إلى العديد من اللغات، ولا تزال تُعرض على خشبة المسرح حتى يومنا هذا.
المسرحية تُظهر كيف يمكن أن تؤدي الشكوك والاتهامات المتبادلة، خاصة فيما يتعلق بالأبوة، إلى تدمير الرجل وجره لعالم من الجنون وفقدان الهوية.
المسرحية تجسد حربًا نفسية بين الزوج “أدولف” والزوجة “لورا”، حيث تحاول الزوجة السيطرة على الزوج وتدميره نفسيًا.
شخصيات مسرحية “الأب” لأوغست ستريندبرغ
مسرحية “الأب” لأوغست ستريندبرغ تتميز بعدد قليل من الشخصيات الرئيسية والمساعدة، ولكن كل شخصية لها دور محوري في تطور الصراع الدرامي.
الكابتن أدولف (The Captain Adolf):
بطل المسرحية والشخصية المحورية التي تدور حولها الأحداث.
هو ضابط في الجيش وعالم في مجال الجيولوجيا، يمثل العقلانية والمنطق.
السمات: رجل متعلم، مثقف، يحب ابنته بشدة، لكنه يفتقر إلى فهم الطبيعة الأنثوية المعقدة.
لورا (Laura):
زوجة الكابتن أدولف، وهي الخصم الرئيسي في المسرحية.
وهي امرأة ذكية، ماكرة، متلاعبة، وقوية الإرادة.
تسعى للسيطرة المطلقة على زوجها وعلى مستقبل ابنتهما.
وهي التي تزرع الشك في عقل أدولف وتغذيه حتى ينهار.
بيرتا (Bertha):
ابنة الكابتن أدولف ولورا.
شابة، في سن المراهقة تقريبًا، تقع ضحية للصراع المرير بين والديها. الدكتور أونترمان (Dr. Östermark – الطبيب:
طبيب الأسرة، وصديق مقرب للكابتن أدولف.
يمثل صوت العقل والمنطق (إلى حد ما) في البداية. يحاول فهم ما يحدث لأدولف وتقديم المساعدة، لكنه في النهاية عاجز عن وقف التدهور النفسي لأدولف.
القس The Pastor –
أخو لورا- شقيق الزوجة.
شخصية دينية، لكنه غالبًا ما يكون غير فعال في حل النزاعات.
كما أنه يميل إلى دعم أخته لورا، أو على الأقل لا يتدخل بقوة ضدها، مما يعزز من عزلة أدولف.
يمثل الجانب الذكوري “الضعيف” أمام قوة لورا.
الممرضة مارغريت (Nurse Martha):
ممرضة الكابتن أدولف، وقد ربته منذ طفولته.
وهي شخصية أمومية، مخلصة لأدولف، وتهتم به بشدة.
تحاول حمايته ومساعدته، ولكنها أيضًا لا تستطيع فهم عمق التلاعب الذي يتعرض له.
في النهاية، هي التي تسيطر عليه جسدياً عندما يفقد عقله، مما يرمز إلى سيطرة “الأنثى” عليه.

موضوعات مسرحية “الأب” لأوغست ستريندبرغ
مسرحية “الأب” لأوغست ستريندبرغ تتناول عدة موضوعات رئيسية عميقة ومثيرة للتأمل.
صراع الجنسين (The Battle of the Sexes): هذا هو الموضوع الأبرز في المسرحية.
مسرحية الأب تُظهر علاقة زوجية متوترة للغاية تتحول إلى حرب نفسية مدمرة بين الرجل (الكابتن أدولف) والمرأة (لورا).
بالإضافة إلى أن المسرحية تُبرز فكرة أن الرجل والمرأة يمثلان قوتين متصارعتين، حيث تحاول المرأة السيطرة على الرجل وتجريده من سلطته وقوته، بينما يحاول الرجل الدفاع عن كيانه وهويته.
الشك (Doubt): يلعب الشك دورًا محوريًا في تدمير حياة أدولف. يبدأ الشك في أبوته لابنته بالنمو في عقله، وهو شك تزرعه وتغذيه لورا عمدًا.
يوضح ستريندبرغ كيف يمكن أن يكون الشك، خاصةً فيما يتعلق بالأبوة، سلاحًا فتاكًا يدمر الثقة بالنفس والواقع.
الجنون وفقدان العقل (Madness and Loss of Sanity): تُظهر المسرحية التحول التدريجي لأدولف من رجل عاقل ومنطقي إلى شخص يفقد عقله تمامًا.
يتغذى جنونه من الشكوك المتزايدة والضغط النفسي الذي تمارسه لورا. تُعد المسرحية دراسة قاسية ومظلمة لكيفية انهيار العقل البشري تحت وطأة التعذيب النفسي.
الهوية والأبوة (Identity and Paternity): تتشابك هوية أدولف بشكل وثيق مع مفهوم الأبوة.
لذلك عندما يُشكك في كونه والدًا حقيقيًا لابنته، تبدأ هويته كلها في الانهيار.
تطرح المسرحية أسئلة حول ما الذي يجعل الرجل أبًا، وكيف أن هذه الهوية يمكن أن تكون هشة وتعتمد على الاعتراف الاجتماعي والأسري.
السلطة الزوجية
السلطة والسيطرة (Power and Control): تدور المسرحية حول صراع على السلطة داخل العلاقة الزوجية والأسرة.
لورا مهوسة بالسيطرة على أدولف وعلى مستقبل ابنتهما.
وهي بالفعل بارعة في استخدام الكلمات والتلاعب النفسي كأدوات للتحكم، بينما يحاول أدولف استعادة سلطته التي يشعر أنها تُسلب منه.
الحقيقة والوهم (Truth and Illusion): يتصارع أدولف مع مفهوم الحقيقة والوهم مع تقدم المسرحية.
ما هو حقيقي؟ هل الشكوك التي تساوره حقيقية أم أنها مجرد أوهام زرعتها لورا؟ تجعل المسرحية المشاهد يتساءل عن طبيعة الواقع وكيف يمكن التلاعب به.
الطبيعة البشرية الشريرة/المظلمة (The Dark Side of Human Nature): المسرحية تُظهر جانبًا مظلمًا من الطبيعة البشرية، حيث يمكن للبغض والكراهية والرغبة في التدمير أن تتغلب على الحب والعلاقة الأسرية.
شخصية لورا تُجسد هذا الجانب بشكل واضح.
دور العلم والفن في مواجهة الحياة (The Role of Science and Art in Life): يظهر هذا الموضوع بشكل ثانوي من خلال اهتمامات أدولف بالعلم وعمله في هذا المجال.
إنه يمثل العقلانية والمنطق، بينما لورا تمثل الجانب العاطفي والتلاعب. ينتهي الأمر بالعقلانية بالانهيار أمام القوى النفسية المدمرة.
ملخص مسرحية “الأب” لأوغست ستريندبرغ
تدور أحداث مسرحية الأب لأوغست ستريندبرغ في منزل عائلي.
أدولف، المعروف بالضابط، عالقٌ في زواجٍ مريرٍ من امرأةٍ قوية تُدعى لورا.
يختلف الضابط ولورا حول مستقبل ابنتهما بيرثا.
الضابط يُفضّل أن تُصبح بيرثا مُعلّمة، بينما تتمنى لورا أن تُطوّر بيرثا موهبتها كرسّامة.
في بداية المسرحية يشرح الضابط الوضع لصهره وصديقه، وهو قس، قبل أن يُحاولا تحديد عقوبة مناسبة لنوْد، أحد أتباع الضابط الذي تتهمه امرأة بالحمل منه.
يُقرران أنه لا سبيل للتأكد من أن نوْد هو الأب، لذا لا يُعاقبانه ولا يُحمّلانه مسؤولية الطفل بأي شكل من الأشكال.
يستاء الضابط من انقلاب النساء في منزله عليه، ويُبدي القس تعاطفه؛ إذ يتفق الرجلان على أن الرجال أسمى من النساء قانونيًا وأخلاقيًا.
يغادر القسيس عند دخول لورا.
يُذكّر الضابط لورا بأنه مُخوّل قانونًا بتحديد مسار حياة ابنتهما.
يرفض أدولف اعتبار ابنته موهبة فنية، ويُطالب زوجته بالخضوع لوصيته.
عندما يصل طبيب جديد، تستبق لورا الحديث معه وتُخبره لورا أن الضابط من المحتمل أن يكون مُختلّ عقليًا.
يحيي الضابط الطبيب ويدعوه للإقامة في جناح بمنزل العائلة.
بعد مغادرة الطبيب، يتهم الضابط مارغريت، ممرضة العائلة التي ساعدت في تربيته، بأنها تحولت لتكون عدوته هي أيضا؛ فيُربكها غضبه.
تلتقي بيرثا بوالدها وتشتكي من أن جدتها (حماة الضابط) تحاول تعليمها الروحانية بقسوة.
يستنكر الضابط التصوف، مع أن بيرثا لا ترى فرقًا حقيقيًا بين إيمان جدتها بالتصوف وإيمان الضابط بالعلم.
يسأل الضابط بيرثا إن كانت ترغب في أن تذهب إلى مدرسة داخلية في المدينة اتصبح مُعلمة، فتوافق.
تدخل لورا، ويتجدد الجدل بين العائلة حول مستقبل بيرثا.
مع تصاعد الجدال، لورا تُلمّح إلى أن الضابط قد لا يكون والد بيرثا البيولوجي.
الشك والجنون
يستشيط أدولف غضبًا ويخرج من المنزل غاضبًا وتكون بذلك لورا قد نجحت في إثارة شكه ودفعه إلى الجنون .
تتناقش لورا والطبيب حول صحة الضابط النفسية.
تذكر هوس الضابط الأخير بنسب بيرثا (القلق الذي أثارته بتلميحاتها التي لا أساس لها).
يشعر الطبيب بالقلق.
تناقش بيرثا ومارغريت حالة الضابط التي تبدو متدهورة.
يعود الضابط إلى المنزل، وهو لا يزال منزعجًا من أنه قد لا يكون والد بيرثا الحقيقي.
يتحدث إلى الطبيب، ويبدأ في الحديث عن خيانة النساء.
يزداد قلق الطبيب من إصرار الضابط على أنه بخير.
يواجه الضابط لورا، متهمًا إياها بالتآمر ضده.
تعترف بأنها حاولت إقناع الناس بأنه يفقد عقله.
يهددها بالانتحار وتركها بلا مال، لكن مسألة نسب بيرثا تشتت انتباهه مرة أخرى.
لم يعد يعتقد أنه والد بيرثا البيولوجي.
يبكي ويتوسل إلى زوجته كي تقتل الشك الذي أشعلته في نفسه ، وتعلمه بحقيقة أبوته لبرثا ، لكنها لم تعطيه إجابة واضحة.
تكشف لورا عن خطتها لإعلانه مجنونًا حتى تتمكن من تولي مسؤولية الأسرة.
يغضب الكابتن ويطرد لورا من الغرفة، ويلقي مصباحًا مشتعلًا في اتجاهها.
تستعين لورا بمساعدة أهل البيت للتعامل مع الكابتن الذي يزداد اضطرابًا.
تأخذ مفاتيحه، وتزوّر رسالة إلى رؤسائه، وتأمر بتفريغ جميع أسلحته.
تتحدث مع شقيقها، القس، الذي يعرض عليها دعمه في معركتها ضد الضابط، ملمحا لها بأنه يعلم مدى قوتها وأنه سيكون وصيا على الأسرة .
الطبيب يقرر تقييد الضابط ولكن دون أن يلفت انتباهه، فيستعين بمارغريت المترددة للمساعدة.
يقتحم الضابط بابًا مغلقًا، ويثرثر بفوضى عن عدم الثقة بالنساء.
الانهيار
تواجه بيرثا الضابط وتلومه على فعله بوالدتها عندما ألقى نحوها المصباح فتثير غضبه ، لكن عندما تناديه “أبي”، ينهار باكيًا.
تُهدئ مارغريت الضابط وتضعه في القيود وهو يتذكر سعادة ماضيه عندما كان طفلا بين يديها.
بعد أن أصبح الضابط آمنًا، تدخل لورا.
يهاجمها ويهاجم جميع النساء، بينما تطلب لورا من زوجها المغفرة وتؤكد له أنه والد بيرثا البيولوجي.
لورا ومارغريت تُواسيان الضابط وهو يستلقي ويصمت.
الطبيب يُخبر الجميع أن الضابط أُصيب بنوبة قلبية ودخل في غيبوبة.
تناقش الشخصيات الأخرى ما يجب فعله، وينوحون على وفاة القبطان.