دراما

لماذا تهدد روسيا باستخدام الأسلحة النووية بعد زيارة بوتين لكوريا الشمالية؟

بعد إعلان تعديلات على العقيدة النووية

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الاثنين، أن روسيا ستطور ترسانتها من الأسلحة النووية للحفاظ على توازن القوى في العالم، وذلك قبل أن يصرح بوتين أول أمس الأحد، بأن بلاده تدرس إدخال تعديلات محتملة على العقيدة النووية .

وجاء الإعلان بعد جولة لبوتين زار خلالها كوريا الشمالية وفيتنام، ووقع معهما اتفاقات شراكة استراتيجية أمنية ودفاعية كان لها صدى واسع في آسيا والغرب، فهل من علاقة بين الزيارة وهذا الإعلان النووي الجديد وهل ينبغي على  الغرب أن يأخذ تصريحات الرئيس الروسي على محمل الجد هذه المرة ؟

ماهي عقيدة روسيا النووية ؟

في البداية  نود أن نتعرف على العقيدة النووية الروسية التي أصبحت محل بحث من جانب كل من يتخوف من لجوء روسيا لاستخدام الأسلحة النووية .

ومن المعروف أنها لن تكون هي المرة الأولى إن حدثت، التي تدخل فيها روسيا تعديلات على عقيدتها النووية .

ووضعت العقيدة النووية لروسيا خلال الحقبة السوفيتية، بهدف تنظيم وتقنين استخدام الأسلحة النووية.

وكان من أهم بنود تلك العقيدة أن موسكو لن تكون الطرف المبادر باستخدام الأسلحة النووية في حال اندلاع صراع معها، بل أن موسكو ربما تستخدم  مثل هذه الأسلحة ردا على هجوم نووي أو في التعرض لهجوم تقليدي يشكل تهديدا وجوديا على الدولة .

لكن بحلول عام  2020، وبعد عقدين من  تولي فلاديمير بوتين، مقاليد السلطة، تم تعديل هذه العقيدة التي أصبحت تشير إلى أن روسيا سوف تستخدم ترسانتها من الأسلحة غير التقليدية في وجه أي خطر يهدد سيادة البلاد ووحدة أراضيها وحماية مصالحها ومصالح حلفائها، وهو ما يعني المبادرة بضربة نووية استباقية  من دون التعرض لهجوم بالضرورة .

كما تنص العقيدة الحالية بعد تعديلها، أن بإمكان روسيا توجيه ضربة نووية، إذا حصلت على  معلومات مؤكدة وموثوقة عن نية جهة ما إطلاق صواريخ تجاهها.

وأتاحت التعديلات أيضا توجيه ضربات نووية ردا على تعرضها أو أحد حلفائها لهجوم بأي نوع من أسلحة الدمار الشامل النووية أو الكيمياوية أو البيولوجية ، أو هجوم بأسلحة تقليدية يهدد وجود الدولة ، أو تعرض مواقع حساسة روسية لهجوم ما.

أما ما يريده بوتين تعديله أخيرا أن روسيا لا تحتاج إلى ضربة وقائية أو استباقية كجزء من عقيدتها النووية  لأنه في حال القيام بضربة انتقامية ، سيتم ضمان تدمير العدو بحسب قوله.

استخدام الأسلحة التكتيكية

قالت الدكتورة إيلينا سوبونينا المحللة السياسية والخبيرة في الشأن الروسي ، إن العقيدة النووية الروسية كانت سرية حتى عام 2000، وفي هذا الوقت تم نشر نص هذه العقيدة مع إدخال تعديلات أولى فيها .

وأضافت سوبولينا، أن التعديلات التي ألمح الرئيس الروسي بإدخالها على تلك العقيدة ، تتعلق باستخدام الأسلحة التكتيكية النووية، مشيرة إلى أن بوتين يرى أن هذا يأتي ردا على خطوات من دول الغرب، بحسب معلومات الكرملين فإنها تعمل على تطوير الترسانة النووية.

تمتلك روسيا أكبر ترسانة للأسلحة النووية في العالم

وتابعت أن روسيا قلقة من دعوات مثل التي أطلقتها بولندا بنقل الرؤوس النووية الأمريكية النووية من ألمانيا إلى بولندا، ما يجعلها قريبة جدا من الحدود الروسية .

ولفتت سوبولينا أن تهديد شبه جزيرة القرم والمناطق الروسية الأربعة التي ضمتها روسيا مؤخرا ، بالفعل يمكن أن يدخل ضمن التفسير الخاص بالتهديد الوجودي لروسيا وهو ما يستدعي استخدام الأسلحة النووية نظرا لكون هذه المناطق أصبحت جزءا من الدولة الروسية بحسب الدستور والاتفاقات الموقعة.

وترى سوبولينا أن روسيا لا تهدد باستخدام الأسلحة النووية ، لكنها تحاول وضع خطوط حمراء أمام  الغرب،  لاسيما الولايات المتحدة بسبب إمدادات الأسلحة لأوكرانيا ، إذ أنه بكل مرة يرسل الغرب أسلحة  إلى أوكرانيا تكون أكثر تطورا من المرة التي قبلها، بما يعد تجاوزا لخطوط روسيا الحمراء .

تهديدات جدية

من جانبه قال الدكتور رفائيل بوسونج الباحث في المعهد الألماني للشئون الدولية ، إنه يجب أخذ ما يصرح به الرئيس الروسي بشأن الأسلحة النووية على محمل الجد، منوها إلى أنه منذ عامين تهدد روسيا بأشكال مختلفة وتطرح ورقة النووي عدة مرات.

وأكد بوسونج أن الهدف من هذا الطرح هو إحداث قلق في الغرب وإضعاف الدعم لأوكرانيا، مستطردا ” لكن هذا الأمر ليس بجديد والحجج التي تطرح ليست بجديدة أيضا، خاصة أن الولايات المتحدة والغرب لديهما ترسانة نووية ولكنهما لا يسعيان للهجوم على روسيا، وهنا تستخدم هذه الحجة .

وشدد على أن المشكلة لا تكمن في طبيعة الأسلحة الجديدة التي تفكر روسيا في تطويرها، بقدر إمكانية تفسير التهديد الوجودي للدولة الروسية ، مشيرا إلى أنه من الممكن أن يفهم من ذلك أن محاولة تحرير القرم أو المناطق التي ضمتها روسيا لأراضيها في شرق أوكرانيا  تهديدا لوجود الدولة، بما يستدعي استخدام تلك الأسلحة.

وقال بوسونج إن تحديث الغرب للترسانة النووية يجرى منذ سنوات طوال ولا يهدف إلى تهديد روسيا ، مستطردا ” يمكن أن نبحث في هل هذا التطوير ضروري أم لا ، فهذا نقاش قائم بدول الغرب”..

وأكد بوسنج أن هناك علاقة  غير مباشرة على الأرجح  بين التهديدات الروسية باستخدام الأسلحة النووية  وزيارة بوتين  لكوريا الشمالية وفيتنام، لاسيما فيما يخص كوريا الشمالية لأن الوضع صعب في شبه الجزيرة الكورية ومرتبط بأزمة عسكرية .

وأضاف أنه بالنسبة لفيتنام فإن زيارة بوتين كانت سياسية واقتصادية تتعلق بالطاقة أكثر من أي شىء آخر، أما كوريا الشمالية فهناك اتفاقية دفاعية بين البلدين، وهناك تقارير تشير إلى أن كوريا الشمالية تمد روسيا بالأسلحة والجنود، لذا من المتوقع أن تقف روسيا بجانب كوريا الشمالية في أي لحظة حرجة تمر بها.  

الجدير بالذكر أن روسيا هي الدولة النووية  الأولى في العالم، حيث تمتلك نحو 6.500سلاح نووي ، بينما تمتلك الولايات المتحدة نحو 6185 سلاحا.

المصدر : دي دبليو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى