صاحبة اللوكاندة.. حين تتلذذ امرأة بإذلال رجل يحتقر النساء
من كلاسيكيات الأدب الإيطالي

كتب – رضا خليل
تعد مسرحية صاحبة اللوكاندة من كلاسيكيات الأدب الإيطالي والتي ألفها الكاتب كارلو جولدوني، و تروي قصة إمرأة حاكت خيوط مكرها حول رجل افتخر باحتقاره للنساء، دون أن يكون لديه خبرة كبيرة بعوالم النسوة لتنال منه وتتلذذ بإذلاله.
وعلى الرغم من أن فكرة احتقار رجل للنساء شيئا لا يمكن قبوله أو التماهي معه، غير أن كاتب المسرحية اكتفى بإدانة صاحبة اللوكاندة على طريقتها في إيقاع ذلك الرجل في حبها وإهانته وإذلاله، فيما لم يتطرق لخطأ الرجل بالأساس حينما احتقرالنساء دون تفرقة بين الطيبات والماكرات، لكن تبقى المسرحية مصنفة ضمن تراث الأدب العالمي ، نظرا لقصتها المثيرة وجزالة لغتها ومتانة صياغتها.
قصة مسرحية صاحبة اللوكاندة
كتب كارلو جولدوني في مقدمة هذه المسرحية قائلا ” استطيع أن أؤكد أن هذه المسرحية هي أعظم المسرحيات التي قمت بكتابتها حتى الآن من الناحية الفنية، إذ أنها أكبر المسرحيات فائدة وأجزلها نفعا من الناحية التعليمية .
وأضاف “سوف يبدو ذلك غريبا لمن يمعن النظر في صاحبة اللوكاندة وتصرفاتها، وسوف يجد أنني لم أرسم صورة أكثر خداعا أو خطورة من المرأة التي تناولتها في هذه المسرحية” .
وتابع ” وسوف يجد في طباع بطل المسرحية وهو فارس وفيما جرى من أحداث مثالا حيا للكبرياء المهزوم ومدرسة تعلمنا الهروب من الأخطار حتى لا نقع فيها”.
كيف يمكن إيقاع الرجال في الحب؟
وقال جولدوني في مقدمته ” تبين لنا مارلدولينا كيف يمكن إيقاع الرجال في الحب، وقد بدأت في إظهار دلالها مع الرجل الذي يحتقر النساء، متظاهرة بأن لها نفس طريقة تفكيره” .
ويتابع ” ثم أخذت تمتدحه بما يرضي غروره وتغريه بأن يلعن النساء ، وحينما نجحت في القضاء على عداء الفارس لها، بدت تعامله باهتمام وتخدمه بدلال، هذا إلى جانب أنها كانت تبين له أنها لا تفكر في أن تجبره على التودد لها، وأخذت تزوره في غرفته وتقوم بخدمته على المائدة بخضوع واحترام وكانت كلما رأت قساوته تتناقص، كلما ازدادت شجاعتها في الهجوم ، فهي تحدثه بأنصاف كلمات وتحدقه بنظراتها وتصيبه بجراح مميته دون أن يلاحظ، ثم يلحظ الرجل أخيرا مدى خطورتها ويرغب في تحاشيها لكن المرأة الماكرة تستحوذ عليه بدمعتين تذرفهما وبإغماءة مصطنعة تطرحه أرضا وتحطمه وتتركه منهارا .
وقد يبدو أنه من المستحيل أن يكون في استطاعة رجل أن يحب امرأة حبا بهذا القدر في ساعات قليلة، لاسيما إذا كان هذا الرجل يحتقر النساء، ولم يتعامل معهن أبدا لكن احتقاره للنساء وعدم تعامله معهن كانا هما السبابان الأساسيان في أن يصبح سقوطه أكثر سهولة من أي شخص عادي .
ذلك لأنه باحتقاره لهن دون أن يكون له دراية كافية بطرقهن وأين تتمثل آمالهن في الانتصار، قد اعتقد أن عداءه لهن يكفيه في دفاعه عن نفسه ، وهكذا عرض صدره العاري لضربات العدو .
وأنا نفسي لم أكن متأكدا في أول الأمر أنني سأراه عاشقا في نهاية المسرحية، ولم أكن واثقا من أنه سيكون منقادا بطبيعته رويدا رويدا كما صورته أحدث المسرحية، لكننى وجدته مغلوبا على أمره في نهاية الفصل الثاني .
ولم أعلم ما سوف أكتب في الفصل الثالث، ولكن جال بخاطري حالة أولئك النساء اللائي اعتدن معاملة المحبين حين يرونهم قد سقطوا في شباكهن معاملة قاسية .
القسوة البربرية
وعلى هذا أردت أن أعطي مثلا لتلك القسوة البربرية والاحتقار الشائن الذي ينطوي على الاستهزاء ببعض البائسين الذين أصابتهم الهزيمة بسبب النساء .
وقد قمت بهذا العمل فجعلت من العبودية أداة للخوف، وكذلك جعلت طابع المخادعات مثيرا للكراهية، ألا يحرك منظر الكيد مشاعر الغيظ فينا تجاه صاحبة اللوكاندة ، حين تهزأ من الفارس الذي أخذ يعاني كثيرا، ثم تستمر في إهانته بعد أن أجبرته على حبها، يالها من امرأة جميلة في أعين الشباب .
وقد أراد الله بذلك أن أرى في هذه المرأة ما لم أكن لأراه حين تضحك من بكاء الفارس صاحبة لوكاندة بربرية الطباع ، كم شملت هذه المسرحة منظر و مشاهد من حياتي الخاصة، ولكن ليس هذا مجال افتخار بسخافتي ولا بمناسبة ملائمة لأن أؤنب نفسي على نقائصي ولكن يكيفي أن أجد من سيحمل لي الشكر على هذا الدرس الذي ألقنه إياه، ولا يخفى أن النساء الفضليات سيصبحن مسرورات هن أيضا لافتضاح أكاذيب أولئك المخادعات اللائي لا يشرفن جنسهن .
وهكذا فإن إولئك المخادعات ستحمرن وجوههن عندما يتقابلن معي، ولا يهمني ما سيقلنه لي عندئذ ، فلتحل عليك اللعنة .