“جيرمي كوربن” يطالب بوقف التعاون العسكري مع إسرائيل بعد الاعتراف بفلسطين

قال جيرمي كوربن، زعيم حزب العمال البريطاني السابق وعضو مجلس العموم، إن اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين خطوة تاريخية،
ولو أنها جاءت متأخرة، لكنها تحمل رمزية عميقة بالنظر إلى إرث وعد بلفور الذي غيّر ملامح الشرق الأوسط قبل أكثر من قرن.
وأضاف كوربن في لقاء له على قناة الجزيرة القطرية: “لقد وقع وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور في نوفمبر 1917 وعدًا بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، متجاهلًا وجود شعب كامل يعيش على أرضه.
ذلك الوعد فتح الباب أمام نكبة الفلسطينيين وشرّع بداية مشروع استيطاني توسّع على مدى السنين بدعم غربي وصمت دولي.”
وأكد أن الاعتراف البريطاني بالدولة الفلسطينية هو خطوة للأمام، لكنه شدد على أن ذلك
“لن يعني شيئًا ما لم يتوقف الاحتلال الإسرائيلي، وتتوقف مبيعات السلاح التي تستخدم في قصف المدنيين في غزة”.
التعاون العسكري مع إسرائيل
وتابع: “لا يمكن لبريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا أن تقول إنها تعترف بفلسطين،
بينما تواصل في الوقت نفسه تزويد إسرائيل بالسلاح أو تبادل المعلومات الأمنية معها.
الاعتراف الحقيقي يجب أن يترافق مع وقف التعاون العسكري والأمني وفرض عقوبات على إسرائيل بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية.”
وأوضح كوربن أن مكونات مقاتلات “إف-35” التي تصنعها بريطانيا ما زالت تُزوّد لإسرائيل وتُستخدم في شن غارات على غزة،
مشيرًا إلى أن “قواعد سلاح الجو الملكي البريطاني في قبرص وغيرها تستغل كذلك من قبل القوات الإسرائيلية”.
ورأى أن على الحكومة البريطانية أن تكون جادة في ردع إسرائيل: “لا يكفي إصدار بيانات.
يجب اتخاذ برامج كاملة تنهي التعاون العسكري مع إسرائيل وتفرض عقوبات واضحة.”
إسرائيل الكبرى
وفي ما يتعلق برد الفعل الإسرائيلي، قال كوربن: “حكومة نتنياهو تسعى لتطبيق خطة إسرائيل الكبرى،
بما يشمل تهجير سكان غزة واحتلال أجزاء واسعة من الضفة الغربية.
لكن اعتراف دول حليفة لإسرائيل بدولة فلسطين يجب أن يعطي دفعة للشارع الإسرائيلي ليدرك أن الاحتلال خاطئ
وأن ما يحدث في غزة إبادة جماعية بشعة.”
وحذّر من أن استمرار الاحتلال سيجعل الاعترافات بلا قيمة عملية: “الخطوة مهمة رمزيًا،
لكنها تحتاج إلى إجراءات موازية تبدأ بوقف جميع صادرات السلاح لإسرائيل.”
وعن موجة الاعترافات الأوروبية الأخيرة، أشار كوربن إلى أن هذه “الصحوة” لم تأتِ من فراغ،
بل نتيجة الغضب الشعبي العارم في أوروبا:
“ملايين خرجوا في مظاهرات حاشدة ضد الحرب على غزة،
وفي بريطانيا نستعد لأكبر تظاهرة على الإطلاق دعما لفلسطين في الأول من أكتوبر.”
تغير المزاج الأوروبي
وأضاف: “نعم هناك تغير كبير في المزاج العام الأوروبي. بعد عامين من المجازر في غزة والضفة الغربية،
أصبح الناس أكثر وعيًا بتاريخ فلسطين وأكثر غضبًا من استمرار الدعم الغربي لإسرائيل.
الحكومات الأوروبية تتأخر كثيرًا عن شعوبها، لكن الضغط الشعبي يجبرها على التحرك.”
وختم كوربن بالقول: “هذا الاعتراف ليس هدية لحماس كما تزعم الحكومة الإسرائيلية،
بل هو إقرار بحق الشعب الفلسطيني المشروع في دولته.
إنه خطوة صغيرة على طريق طويل، لن يكتمل إلا بوقف القتل وإنهاء الاحتلال.”*
الرد الإسرائيلي على الاعتراف بالدولة الفلسطينية
قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن الاعتراف الذي أدلَت به كل من بريطانيا وكندا وأستراليا بدولة فلسطين هو “مكافأة عظيمة للإرهاب”،
مؤكدًا أن هذا التصرّف يُشكّل خطأً استراتيجيًا وينطوي على مخاطر كبيرة على أمن إسرائيل.
وأضاف: «لن يتقام دولة فلسطينية غرب نهر الأردن — هذا لن يحدث.»
وأوضح نتنياهو أن إسرائيل سترُدّ على هذا التحول الدبلوماسي بعد عودته من الولايات المتحدة،
مُشددًا أن حكومته مستمرة في تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، معتبرًا أن الخطوة الدولية تتجاوز الخطوط الحمراء الوطنية.
وأكد أن الاعتراف بفلسطين في هذا التوقيت ترسيخا لما وصفه بالدعاية الكاذبة التي تمارسها حركة حماس،
مشيرًا إلى أن مثل هذه القرارات “تنال من قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها” وتُضيّق المساحة الدبلوماسية والتفاوضية معها.
ردود الفعل الفلسطينية والعربية على الاعتراف الغربي بالدولة الفلسطينية
رحّبت القيادة الفلسطينية بقرار كل من بريطانيا وكندا وأستراليا الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين.
ووصف الرئيس محمود عباس الخطوة بأنها “إجراء ضروري نحو سلام عادل ودائم”، مؤكدًا أنها تتسق مع القوانين الدولية،
ومشددًا على ضرورة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية ووقف الاستيطان.
من جانبه، اعتبر السفير الفلسطيني في لندن حسام زملوط أن الاعتراف ليس منّة، بل حق تاريخي للشعب الفلسطيني،
داعيًا إلى ترجمة الخطوة إلى إجراءات ملموسة على الأرض، وإنهاء الاحتلال بشكل كامل.
فيما رأت الأوساط الشعبية الفلسطينية في الاعتراف رسالة أمل جديدة تعطي دفعة للمسار الدبلوماسي رغم صعوبة الأوضاع الميدانية.
عربيًا، رحّبت السعودية بالقرار وعدّته “خطوة مهمة نحو دفع عملية السلام” بما يتماشى مع الشرعية الدولية.
وأكد الأردن أن الاعتراف يعزز الحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية،
تطور إيجابي
بينما وصفت دول خليجية أخرى مثل الكويت وعُمان الخطوة بأنها “تطور إيجابي” يعيد الزخم لمسار حل الدولتين.
وبينما اعتُبر الاعتراف تطورًا تاريخيًا في الموقف الغربي من القضية الفلسطينية،
شددت عواصم عربية وفلسطينية على أن أهميته الحقيقية تتوقف على ترجمته إلى ضغوط سياسية لوقف الحرب،
وحماية الشعب الفلسطيني، وتمهيد الطريق نحو تسوية عادلة وشاملة.
يأتي ذلك بعد اعتراف كل من بريطانيا وكندا وأستراليا بالدولة الفلسطينية،
في خطوة تاريخية وصفت بأنها تحول في الموقف الغربي من الصراع،
فيما تستعد كل من فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ودول أوروبية أخرى لإعلان اعترافها الرسمي اليوم،
ما يعزز الزخم الدبلوماسي لصالح القضية الفلسطينية ويدفع باتجاه إعادة إحياء مسار حل الدولتين.