كتب

الاقتصاد العالمي على موعد مع “كارثة” حال فوز ترامب  بالرئاسة

أدى صعود أسهم  الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالفوز بولاية ثانية  في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، بسبب ضعف أداء الرئيس جو بايدن في المناظرة التي جرت بينهما مؤخرا، إلى مناقشة تأثير فوز ترامب على الاقتصاد العالمي والذي من المتوقع أن يحدث تغيرات عميقة.

وعلى الرغم من أن بايدن، لم يستهدف السياسة التجارية للرئيس السابق خلال الحملة الانتخابية بالقدر الذي استهدف به قضايا مثل غزة وأوكرانيا والصين والإجهاض، فإن مكمن الخطر يتمثل في أن سياسة ترامب التجارية  ستقود إلى “كارثة ” بالنسبة للولايات المتحدة وبقية العالم.

من الطبيعي أن يكون تأثير ترامب على الديمقراطية الأمريكية هو الأهم في ذهن جو بايدن، لكن لاشك أن الاقتصاد والقدرة الشرائية للأمريكين وسعر الفائدة وغيرها من الأمور الأخرى، التي تشغل أيضا وبدرجة أكبر اهتمام السواد الأعظم  من الشعب الأمريكي الذي يواجه أكبر معدلات للتضخم خلال الـ40 عاما الأخيرة .

لذلك نحاول أن نعرف في هذه السطور ماهي سياسة دونالد ترامب التجارية ؟ وماهو مستقبل سعر الفائدة الأمريكية في حال فوز ترامب بالرئاسة؟

ارتفاع التضخم

وبحسب الخبراء، فإن  خطط دونالد ترامب تضيف إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، وارتفاع معدلات التضخم، والتحول الحاسم نحو تراجع العولمة، بما يعني أننا ربما لا نرى عودة  لسياسة خفض سعر الفائدة الأمريكية على المدى القصير أو المتوسط .

ووفقا لوكالة موديز أناليتكس، فإن سياسات ترامب من شأنها أن تؤدي إلى الركود بحلول منتصف عام 2025.

و ومن المتوقع أن تقفز البطالة والتضخم،  فيما يعاني النصف الأدنى من توزيع الدخل في الولايات المتحدة أكثر من غيره.

واستندت وكالة موديز في توقعاتها إلى خطة ترامب طويلة الأمد لفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات و60% على البضائع القادمة من الصين، وهو الإجراء الذي اعتبر مكلف بما فيه الكفاية لجعل الاقتصاد  الأمريكي ينزلق إلي الركود سريعا.

الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 هي الانتخبات الستين التي تجرى كل أربع سنوات، المقرر إجراؤها يوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2024. وسينتخب الناخبون رئيسا ونائبا للرئيس لمدة أربع سنوات.

ويقول معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إن الأسرة المتوسطة ستدفع 1700 دولار إضافية (2500 دولار) سنوياً في ظل ارتفاع الأسعار.

وأصرت متحدثة باسم الحزب الجمهوري على أن هذا خطأ قائلة : “إن فكرة أن الرسوم الجمركية هي ضريبة على المستهلكين الأمريكيين هي كذبة يروج لها المتعاقدون الخارجيون والحزب الشيوعي الصيني”.

ولقد وصل الجمهوريون إلى قاعدة أساسية في الدعاية  الانتخابية لهم “أنه  أصبح الآن من الشيوعية الدفاع عن التجارة مع الصين، بالشكل الذي كانت عليه في العقود الأربعة الماضية.”

العولمة السامة

ويرى المراقبون أن النقطتين الرئيسيتين اللتان يتم الاتفاق عليهما في الولايات المتحدة اليوم هما أن العولمة سامة، وأن الولايات المتحدة تخوض منافسة محصلتها صِفر مع الصين.

وهذا ما يبرر امتناع بايدن جزئيًا من التعامل مع خطط ترامب للحرب التجارية بشكل كامل.

لكن ترامب يسهل الأمور على بايدن طوال الوقت وفي هذا الشهر، أعلن الرئيس السابق عن ما يعرف بـ”سياسة جميع التعريفات الجمركية” التي تحل بموجبها رسوم الاستيراد محل ضريبة الدخل بالكامل.

ومن المستحيل التوصل إلى تعريفة جمركية مثلى يمكن أن تعوض إلغاء الإيرادات الضريبية، لكن مثل هذه الأفكار تجعل الحملة الانتخابية أكثر جاذبية، وترضي غرور وفكر كبار الأثرياء في الولايات المتحدة، كما أنها تغرر بالأسر الفقيرة والمتوسطة  التي ربما تعتقد أن ذلك يمكن أن يكون في صالحها  .

ومن المعروف أنه كلما ارتفع معدل التعريفة، زاد اضطراب التجارة الخارجية، وفي حالة ولاية ثانية لترامب فإن ذلك من المفترض أن يقود إلى صدام حاسم وواسع مع الاتحاد الأوروبي، الذي لا يزال ينتقد مشروع التضخم الأمريكي الذي أقره بايدن .  

إن التكاليف الاقتصادية المترتبة على العودة إلى السياسة المالية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر سوف تقع بشكل كبير على كاهل العمال وأسرهم ــ وهم ذلك النوع من الناس الذين يتحولون على نحو متزايد إلى ترامب.

وسيكون المستفيدون هم الأثرياء، الذين يدفعون حصة أقل بكثير من دخلهم على السلع.

الانفصال الكامل عن الصين

ومن المؤكد أن دراسة “موديز” حول هذا الأمر من شأنها أن تتنبأ بالكساد، وينبغي لنا أن نضيف إلى خطة ترامب الأخيرة “الانفصال الكامل” عن الصين، وهو ما يدعو إليه روبرت لايتهايزر، الممثل التجاري السابق لترامب، ووزير خزانته المحتمل.

وهناك أيضا خطة ترامب المعلن عنها بشكل واضح لاستبدال جيروم باول كرئيس لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، بما يقود إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، وارتفاع معدلات التضخم، والتحول الحاسم نحو التراجع عن طريق العولمة التي حددت السياسة  الخارجية والاقتصادية للولايات المتحدة على مدار العقود الأربع الماضية .

باختصار، يتعهد بايدن وترامب بالسير في الاتجاه نفسه، لكن ترامب سيفعل ذلك على قدم وساق.

والمفارقة في موقف ترامب هي أنه المرشح الذي وعد بإنهاء تورط الولايات المتحدة في “الحروب الأبدية” في أوكرانيا وقطاع غزة، بل وربما يفكر في التخلي عن تايوان ــ ولو أنه من المستحيل التنبؤ إلى أين قد تقوده عقليته المتقلبة.

ومع ذلك، فإن خططه للانفصال عن الاقتصاد العالمي” الحمائية التجارية”، من شأنها أن تجعل الصراع مع الصين أكثر احتمالا، وهو ما سيقود إلى تغييرات عميقة  في الاقتصاد الأمريكي و العالمي تشمل الاستثمار والتجارة  والتمويل، سيتحدد على إثرها الوضع الجديد للعملة الأمريكية الميمنة على العالم  “الدولار” .

النقطة الإضافية في الحرب الباردة التي تتكشف اليوم، هي أن الصين تستثمر بعمق في الوضع العالمي الراهن، وإنه من الواضح أنها مستعدة للتعامل مع أي سيناريو بما فيها خوض حرب تجارية مع الولايات المتحدة حتى النفس الأخير.

وعلى النقيض من ذلك، كانت قوة الابتزاز الاقتصادي التي كانت تتمتع بها الولايات المتحدة على الاتحاد السوفييتي ضئيلة أثناء الحرب الباردة الأولى، وذلك  على عكس  الحالة  الراهنة التي تتمتع فيها الولايات المتحدة بعلاقات اقتصادية وتجارية مع الصين تجعلها قوية بما فيه الكفاية لممارسة هذا الابتزازبقوة.

الكساد

في النهاية ما نعرفه عن خطط ترامب هو أنها ستؤدي إلى الركود، وفقا لتقديرات “موديز”، لكن ما نعتقده  أنه سيُقدم على التشدد في إجراءاته  وخططه بما يقودنا إلى الكساد الذي من المؤكد أنه لن يكون أمريكيا فحسب بل سيطال العالم كله، لذلك فمن المتوقع أن تكون عواقب  السياسات  التي يتبعها ترامب كارثية .

وللمفارقة فإن بايدن يسير في نفس الاتجاه ، لذلك توصف سياسته  بأن أمريكا تسير نائمة نحو حرب باردة مع الصين وهو نائم ، بيد أن الأمور قد تنفلت  وتتحول الحرب الباردة لساخنة بسبب تايوان ، وربما هذا ما يقوله ترامب مرارا وتكرار ا ، إذ أصبح في  كل خطاب له يؤكد أن بايدن يقود الولايات المتحدة لحرب عالمية ثالثة.

المصدر: فايناشال رفيو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى