كتب

السعودية تسير على خطى “مصر” في مراكمة الديون بسبب رؤية 2030

عجز مالي مزمن تعاني منه ميزانية المملكة

لاشك أن ما تحمله رؤية  السعودية 2030، من أفكار لتنويع الاقتصاد والابتعاد عن الاعتماد على النفط، تشكل أهدافا تنموية  لاغبارعليها،

لكنها في نفس الوقت تحمل مخاطر لايمكن إهمالها، خاصة أنها تسير على خطى مصر في تنفيذ تلك الرؤية.

ولعل طريقة تنفيذ الرؤية على أرض الواقع  ينطوي على مخاطر جسيمة،

بسبب الإفراط في إقامة مشاريع العقارات والبنية التحتية،

و الإستدانة من الخارج وبيع الأصول المملوكة للدولة، وهي نفس الأخطاء التي وقعت فيها مصر .

و أبرز المؤشرات على تلك المخاطر، العجز المالي المزمن الذي تعاني منه مالية السعودية منذ تطبيق رؤية 2030،

  فقد ارتفع حجم الدين العام ارتفاعاً كبيراً خلال فترة قصيرة، وأصبحت خدمته (الأقساط والفوائد السنوية) تمتص قسطاً مهماً من إيرادات الدولة.

السعودية تتصدر قائمة الدول المقترضة

قبل أيام احتلت السعودية صدارة قائمة الدول المصدرة  للسندات المقومة بالدولار متجاوزة الصين،

بمبيعات سندات بقيمة 33.3ملياردولار منذ بداية العام  الجاري.

وعزت التقارير وتيرة الاقتراض القياسية للسعودية، إلى زيادة الدعم من جانب مستثمري الديون العالمية لرؤية المملكة 2023،

التي تهدف لتنويع الاقتصاد وتحويل البلاد لمركز أعمال عالمي بحلول نهاية العقد الراهن.

وذكرت التقارير أنه ليس من  المفاجىء أن تصبح المملكة أكبر مصدر للسندات في الأسواق  الناشئة؛

نظرا لاحتياجاتها التمويلية الكبيرة لمشاريع البنية التحتية .

السعودية
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي وصاحب رؤية 2030

وبجانب إصدار السندات  تسعى المملكة إلى إيجاد مصادر تمويل بديلة؛ لسد  العجز المالي المتوقع بـ21 ملياردولار هذا العام .

وقدرت  السعودية  إجمالي أنشطتها التمويلية التي تسعى لجمعها  هذا العام، بحوالي 37 ملياردولار.

ويعود تحول المملكة لسوق السندات كاستجابة  لنقص الاستثمار الأجنبي المباشر، وتراجع عائدات النفط، بعد تخفيضات العرض الطوعية لتحالف “أوبك بلس”.

لذلك فإنه من  المتوقع أن تجد السعودية نفسها في مواجهة خيارات مالية صعبة،

ومع تزايد فواتير المشاريع المستقبلية العملاقة  التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، في إطار رؤية 2030

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، أن المملكة استقطبت أكثر من 54 مليار دولار هذا العام؛ لتمويل طموحاتها الإنفاقية الضخمة

– أي ما يعادل حوالي 5%  من إجمالي ناتجها المحلي.

فقد زادت المملكة من ديونها وباعت أسهماً جديدة في شركة أرامكو النفطية، وسحبت استثماراتها من شركات التكنولوجيا الأمريكية.

مشاريع  بتكلفة تريليون دولار

وإجمالاً، أطلقت الحكومة السعودية مشاريع تزيد قيمتها عن تريليون دولار تحت مظلة رؤية 2030،

وهي خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحويل الاقتصاد بسرعة بعيداً عن النفط.

وتتركز أهم تلك المشاريع في القطاع العقاري والبنية التحتية ، وخصصت 300 ملياردولار من إجمالي الإنفاق للبنية التحتية ،

والتي تشمل شبكة سكك حديدية واسعة النطاق، ومطار جديد في الرياض بقيمة 147ملياردولار،

ليكون قاعدة رئيسية لشركة الطيران الجديدة “طيران الرياض”.

أما بالنسبة للعقارات ، تقوم المملكة بإنشاء 8 مدن جديدة على طول ساحل البحر الأحمر،

ومن المخطط إنفاق 575 مليار دولار  توفير نحو 1.3مليون منزل جديد ، وأكثر من 100ألف غرفة فندقية .

بيع الأصول المملوكة للدولة

ومن أجل توفير التمويل اللازم لرؤية 2030، قامت المملكة بطرح حصة من شركة أرامكو في البورصة المحلية،

وحدث ذلك أكثر من مرة كان آخرها  مطلع الشهر الجاري .

وشملت عملية الطرح 1.545 مليار سهم، تمثّل 0.64 في المئة من أسهم الشركة،

ويتوقع أن يتراوح النطاق السعري لأسهم الطرح ما بين 26.7 ريالا سعوديا أي ما يوازي (7.12 دولارات)،

و29.0 ريالا سعوديا أي (7.73 دولارات) للسهم الواحد،

ما يعني أنها ستجمع نحو 12 مليار دولار عند الحد الأقصى للنطاق السعري.

وبجانب طرح حصة جديدة من أرامكو ، قام صندوق الاستثمارات العامة السعودي ، بخفض  حيازاته المباشرة في الأسهم الأميركية

بنهاية الربع الأول من 2024 بنحو النصف.

رؤية السعودية 2030

ويحتفظ  الصندوق السعودي، بأسهم متداولة في الولايات المتحدة تبلغ قيمتها السوقية  نحو 18 مليار دولار ،

منخفضة من 35 مليار دولار في نهاية العام الماضي، وفقا لنموذج الإفصاح الذي قُدم إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.

وأظهر التقرير أن صندوق الاستثمارات، لم يعد يمتلك العديد من أسهم التكنولوجيا،

بما في ذلك حصص بقيمة 600 مليون دولار أو أكثر في كل من “أمازون” و”مايكروسوفت” و”سيلز فورس”.

حيازات صندوق الاستثمارات السعودي

وأبدل صندوق الاستثمارات حيازاته المباشرة في هذه الشركات وأسهم التكنولوجيا الأخرى بشراء خيارات لعدد أقل من الأسهم.

وأشار التقرير أيضاً إلى تخلي صندوق الاستثمارات العامة عن كامل حصصه في شركات مالية أميركية وشركات بقطاع السفر،

منها حصة بقيمة 602 مليون دولار في “بلاك روك” واستثمار بقيمة 942 مليون دولار في “كارنيفال كورب”،

إضافة إلى مركز بقيمة 757 مليون دولار في “بوكنغ هولدنغ”.

المثير للدهشة أن مصر كانت قد وضعت رؤية ـ2030، بالتزامن مع المملكة في عام 2016،

و قامت هي الأخرى بإنفاق ببذخ على مشروعات  البنية التحتية والعقارات و المدن الجديدة ،

ما أدى في نهاية المطاف إلى مضاعفة  الديون الخارجية والداخلية عليها،

مما اضطرها لخفض قيمة عملتها 4 مرات منذ فبراير2022.

وعلى الرغم من أن الأوضاع المالية للمملكة العربية السعودية تختلف عن مصر بعض الشىء،

غير أن المخاطر لا تزال قائمة، لاسيما في ظل مظاهر البذخ الإعلامي والدعائي،

الذي تقوم به هيئة الترفيه بقيادة المستشار تركي آل الشيخ.

وتضاعفت الديون السعودية خلال  السنوات الـ5 الأخيرة، لتصل إلى أكثر من تريليون ريال بنهاية 2023،

وذلك مقابل 142 مليارريال في 2015.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى