رواية

ملخص قصة الكاهن والشيطان لدوستويفسكي.. عندما يتجسد الجحيم على الأرض

تعتبر قصة الكاهن والشيطان هي تحفة أدبية قصيرة كتبها الروائي الروسي فيودور دوستويفسكي، وتدور فكرتها حول دور رجال الدين في تكريس الظلم الاجتماعي ومعاناة  الطبقات الدنيا، والتي تعيش ظروفا تشبه الجحيم على الأرض.

على الرغم من أنها قصة قصيرة، كتبت في البداية على جدران زنزانته في عام 1849، إلا أنها تحمل عمقاً فلسفياً واجتماعياً هائلاً،.

وتعتبر واحدة من أعماله الأكثر إثارة للتفكير، لإنها تصور المعاناة التي يكابدها الكادحون على الأرض، بأنها هي الجحيم نفسه أوأشد من جهنم التي يحذرهم منها رجال الدين.

فكرة قصة الكاهن والشيطان

تدور أحداث القصة حول حوار عميق ومثير بين كاهن وشيطان.

يطرح الشيطان أسئلة شائكة حول الإيمان والمعاناة الإنسانية، ويدفع الكاهن إلى مواجهة تناقضات إيمانه وتصرفاته.

يصور دوستويفسكي من خلال هذا الحوار صراعاً داخلياً عميقاً بين الخير والشر، والإيمان والشك، والحقيقة والوهم.

صحيح أن الكاهن والشيطان قصة قصيرة إلا أنها برمزيتها بمثابة تاريخ كامل لكل ذلك الصراع الطويل ما بين آلهة السماء وأبناء الأرض.

 أو بالأحرى لذلك الصراع ما بين من نصبوا أنفسهم وكلاء عن السماء؛ للتسلط باسمها على أهل الأرض من البسطاء والضعفاء.

تجار الدين

ولذلك سنجد بأن دوستيوفسكي سيصب في القصة جم غضبه على هذه الفئة من كهنة المعابد من تجار الدين المخادعين الذين يحثون الناس على الصبر وتحمل المشقة و الجوع والحرمان من أجل جنة السماء.

هؤلاء الذين يُخوفون الناس البسطاء بصور العذاب  في الآخرة  المهولة التي تقشعر لها الأبدان،

 فيما هم بالمقابل ينعمون بالخيرات وبكل الملذات الدنيوية.

ويصورهم ديستوفيسكي بأنهم مجرمون بحق الإنسان وبحق الحياة وبحق الله ،لإنهم يسلبون الفقراء حتى  بصيص الأمل .

وأن هؤلاء أبالسة الأرض شياطين الطقوس كهنة المعابد عكروا هذا الأمل الباقي  في نفوس هؤلاء الضعفاء.

وطردوا من هذه النفوس أمل الراحة وشوشوا على  كل اطمئنان في داخلهم .

كما أنهم أثقلوا عليهم ولو على مضض فكرة الراحة في الموت، بينما هم يروعوهمليلا ونهارا بصور الجحيم وأخبار العذاب الذي لا ينتهي  بعد الموت .

ملخص قصة الشيطان والكاهن

تبدأ  القصة بقول  الشيطان للكاهن مرحبا أيها الأب الصغير السمين، ما الذي جعلك تكذب هكذا على هؤلاء الناس المساكين، و أي عذابات من الجحيم صورت لهم؟

ألا تعلم أنهم يعانون أصلا عذابات الجحيم هنا في حياتهم على الأرض.

الكاهن والشيطان
الروائي الروسي فيودور دوستويفسكي

 أتعلم أنك أنت وسلطان الدولة مندوباي على الأرض، إنك أنت من تجعلهم يعانون الآم الجحيم الذي تهددهم تهددهم به.

 لتعلم هذا حسنا، إذا تعالى معي ثم شد الشيطان الكاهن من ياقته ورفعه عاليا في الهواء وحمله إلى مكان سبك الحديد في أحد المصانع.

 وهناك رأى الكاهن العمال يرقدون على عجل ذهابا وإيابا ويجدون وسط الحرارة الحارقة.

وسرعان ما يفوق الهواء الثقيل مع الحرارة العالية قدرة الكاهن على التحمل فيتوسل إلى الشيطان والدموع تطل  من عينيه.

 ويقول له الكاهن أرجوك دعني أذهب، دعني أترك هذا  الجحيم، ما عدت أحتمل .

فيرد الشيطان؛ لا تتعجل يا صديقي العزيز يجب أن أُريك أماكن أخرى كثيرة،.

 ويمسك به الشيطان مرة أخرى ويسحبه هذه المرة إلى مزرعة.

وهناك يرى العمال يدرسون الحبوب، و الغبار ينتشر  في كل مكان والحرارة لا تحتمل.

 وبين الحين والآخر يأتي المراقب أو ” ناظر الضيعة”  حاملا سوطا يهوي به بلا رحمة على كل من يقع على الأرض،

 عندما يغلبه الإرهاق من شدة العمل الشاق أو من شدة الجوع.

 وبعد ذلك يأخذ الشيطان الكاهن إلى  الأكواخ التي يعيش فيها أولئك العمال مع أسرهم.

تبدو تلك الأكواخ  كجحور قذرة باردة مفعمه بالدخان وكريهة الرائحة.

 يبتسم الشيطان ابتسامة عريضة مشيرا إلى الفقر وإلى المشقات في تلك كالبيوت القذرة.

 ويسال حسنا أليس هذا كافيا ؟

ويبدو أن الشيطان حتى هو  الذي يشفق على الناس، في حين أن خادم الرب وحامل لواء التقوى لا يكاد يحتمل التواجد في هذه الأماكن

 فيرفع يديه ويتوسل للشيطان مجددا.

الجحيم على الأرض

قائلا أرجوك دعني أخرج من هنا، نعم نعم هذا هو الجحيم على الأرض.

 فرد عليه الشيطان” حسنا إذا ها أنت ترى ولا تزال تعدهم بجحيم آخر تشق عليهم به  وتعذبهم حتى الموت،

فيما هم ميتون فعلا في كل شيء عدا الموت الجسدي.

 هيا بنا سا أريك جحيما آخر، وهو أسوأ جحيم على الإطلاق.

 ثم أخذه إلى سجن وأراه زنزانة بهوائها الفاسد .

تلك الزنزانة الملقى بها القمامة القذرة والمغطاة بالحشرات والهوام، والتي تتغذى على الأجسام الضعيفة والعارية والهزيلة.

 ثم قال الشيطان للكاهن إخلع عنك هذه الملابس الحريرية .

وضع على كاحليك سلاسل ثقيلة،  كهذه التي يلبسها هؤلاء البائسون واستلقي على الأرض الباردة والقذرة.

 وطالب الشيطان  الكاهن أنه بعدما يفعل ذلك يتجرأ ويحدث هؤلاء المساجين  عن الجحيم الذي لازال بانتظارهم.

الكاهن والشيطان
صورة تخيلية للشيطان

 فاجاب الكاهن لا لا أستطيع التفكير في جحيم أقصى من هذا الجحيم، لا أستطيع التفكير في شيء أكثر ترويعا من هذا الجحيم.

أتوسل إليك، دعني أخرج من هنا فيجيبه الشيطان، نعم أيها الكاهن المخادع هذا هو الجحيم،

 لا يمكن أن يكون هناك جحيم أسوأ منه.

 ألم تكن تعلم به ألم تكن تعلم عن هؤلاء الرجال والنساء الذين ترعبهم بجحيم في الآخرة.

 ألم تعلم أنهم يعيشون في الجحيم الآن، هنا على الأرض قبل موتهم .

اقتباسات من قصة “الكاهن والشيطان” لدوستويفسكي:

تتميز قصة “الكاهن والشيطان” بأسلوبها الحوارى القوى والعميق، والتي تجعلها مليئة بالأقوال المأثورة والأفكار المثيرة للتفكير. إليك بعض الاقتباسات البارزة من هذه القصة:

  • “ما الذي جعلك تكذب هكذا على هؤلاء الناس المساكين المضللين؟ أي عذابات من الجحيم صورت لهم؟ ألا تعلم أنهم يعانون أصلاً عذابات الجحيم في حياتهم على الأرض؟” – هذا السؤال يطرح تساؤلاً عميقاً حول دور الدين في تخفيف معاناة البشر، وهل يقدم الدين حلولاً عملية للمشكلات الواقعية أم أنه مجرد وسيلة للتهدئة والتخدير؟  
  • “إنك أنت من تجعلهم يعانون آلام الجحيم الذي تهددهم به. ألا تعلم…” – يشير هذا الاقتباس إلى دور المؤسسات الدينية والسلطوية في خلق الخوف والذعر لدى الناس، واستخدام الدين كأداة للسيطرة والتحكم.
  • “نعم، هذا هو الجحيم، لا يمكن أن يكون هناك جحيم أسوأ من هذا. ألم تكن تعي ذلك؟” – يقدم الشيطان للكاهن صورة قاسية ومؤلمة عن واقع المعاناة الإنسانية، ويجعله يواجه زيف وعدم واقعية الكثير من المعتقدات الدينية.
  • “الجحيم هو الخوف من الجحيم.” – هذه العبارة هي من أبرز الأفكار التي ترد في القصة، وتلخص فكرة أن الخوف من العقاب الإلهي هو في حد ذاته نوع من العذاب، وأن هذا الخوف قد يحول دون حياة سعيدة ومليئة بالمعنى.

أهمية الاقتباسات:

  • تثير التساؤلات: تدفع هذه الاقتباسات القارئ إلى التفكير بعمق في العديد من القضايا الدينية والفلسفية والاجتماعية.
  • تكشف عن التناقضات: تكشف هذه الاقتباسات عن التناقضات الموجودة في المجتمع، وفي معتقدات الناس، وفي دور المؤسسات الدينية.
  • تدعو إلى التغيير: تدعو هذه الاقتباسات إلى إعادة النظر في الكثير من المفاهيم والأعراف السائدة،
  • وتحث على البحث عن حلول عملية للمشكلات التي يعاني منها البشر.

تعتبر هذه الاقتباسات مهمة لأنها تعبر عن أفكار عميقة وجوهرية، ولا تزال ذات صلة بنا حتى يومنا هذا. فهي تدعونا إلى التفكير النقدي، والتساؤل، والبحث عن الحقيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى